اعلان ماس فيتالس

الحرب في السودان.. انسحاب تكتيكي أم انهيار للدعم السريع؟

  • لون الحقيقة

تشهد الحرب في السودان مرحلة حاسمة، مع التقدم السريع للقوات المسلحة السودانية في العاصمة الخرطوم، وإحكام السيطرة على مدينة بحري، وسط توقعات بإعلان استعادة القصر الرئاسي والمنشآت الاستراتيجية قريباً. وفيما يحتفي الجيش وأنصاره بهذه التطورات، تبرز تساؤلات عن طبيعة هذا الانسحاب لقوات الدعم السريع: هل هو انسحاب تكتيكي مدروس أم انهيار حتمي أمام الضغط العسكري؟

 

  • الانسحاب التكتيكي أم الانهيار العسكري؟

منذ بدء المعارك في أبريل 2023، اعتمدت قوات الدعم السريع على تكتيك الانتشار السريع والتمدد في المدن، مستفيدة من طبيعة حرب الشوارع. غير أن المتغيرات الأخيرة تشير إلى تحول في المعادلة، حيث انسحبت وحدات الدعم السريع من مواقعها في الخرطوم وبحري، وسط تقارير عن تركها معدات عسكرية وذخائر دون ترتيب منظم، ما يعكس حالة من الارتباك والتفكك.

 

في المقابل، يرى بعض المراقبين أن الانسحاب قد يكون خطوة تكتيكية لإعادة التموضع في مناطق أكثر استراتيجية، خاصة في إقليم دارفور، حيث لا تزال القوة العسكرية للدعم السريع أكثر تماسكاً. لكن التساؤل الأهم: هل كان الانسحاب خياراً مدروساً أم فرضته الظروف الميدانية؟

 

  • حرب نفسية أم واقع ميداني؟

مع اشتداد العمليات العسكرية، تصاعدت الحرب الإعلامية بين الطرفين. ففي حين يؤكد الجيش أن انتصاراته جاءت بعد مواجهات مباشرة، يروج أنصار الدعم السريع لفكرة أن الانسحاب جاء ضمن “اتفاق غير معلن” أو “صفقة سياسية” تمهد لمفاوضات قادمة. غير أن الواقع على الأرض لا يدعم هذه السردية، حيث أظهرت مقاطع مصورة ومراسلات مسربة حالة تفكك داخل الدعم السريع، وصلت إلى حد تصفية بعض القيادات بسبب خلافات داخلية حول استراتيجيات القتال.

 

  • ما الذي تكشفه الأيام المقبلة؟

مع اقتراب الجيش من السيطرة الكاملة على الخرطوم، تتجه الأنظار إلى المعارك المحتملة في إقليم كردفان ودارفور، حيث يمكن أن تشهد الحرب تحولاً جديداً، نظراً لاختلاف الطبيعة الجغرافية هناك. كما أن عودة الخدمات الأساسية في المناطق المحررة (الكهرباء، المياه، المؤسسات الحكومية) ستلعب دوراً محورياً في استعادة الاستقرار.

 

على المستوى السياسي، فإن إعادة الحكومة للعمل من الخرطوم بدلاً من بورتسودان ستكون خطوة جوهرية تعزز من صورة الجيش كقوة مسيطرة على الأرض، وترسل رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الحرب تتجه نحو حسمها عسكرياً.

 

ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد انسحاب عسكري، بل تحول استراتيجي في موازين القوة. فسواء كان الانسحاب تكتيكياً أم انهياراً فعلياً، فإن الحقيقة الواضحة هي أن الجيش بات يملك زمام المبادرة، مما يجعل الأيام القادمة حاسمة في تحديد مستقبل الصراع.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.