اعلان ماس فيتالس

جدلية القوة والشرعية في السودان! 

لون الحقيقة

• منذ اندلاع الحرب في السودان، غرقت البلاد في فوضى غير مسبوقة، طالت كل جوانب الحياة. هذه الحرب لم تقتصر على صراع عسكري بين الأطراف المتناحرة، بل أفرزت أزمة إنسانية واجتماعية وسياسية عميقة، جعلت السؤال عن مستقبل السودان أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 

• أدت الحرب إلى نزوح الملايين داخل البلاد وخارجها، تاركة وراءها مجتمعات محطمة وأسراً مفككة. تصاعدت الكراهية والانقسامات على أساس عرقي وجهوي، مما جعل إعادة ترميم النسيج الاجتماعي السوداني تحديًا هائلًا. كما أدت الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمني إلى ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار الفقر المدقع، مما زاد من معاناة المواطنين.

 

• الحرب في السودان أعادت إلى السطح جدلية السلطة والسلاح، إذ أصبحت القوة العسكرية وسيلة رئيسية للوصول إلى الحكم. وفي ظل غياب سلطة مدنية جامعة، برزت قوى الأمر الواقع التي تدير البلاد وفق المصالح الضيقة، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي، وطرح تساؤلات عن مستقبل الديمقراطية في السودان.

 

• الاقتصاد السوداني يعاني من انهيار غير مسبوق، إذ توقفت عجلة الإنتاج، وتعطلت الصادرات، وانهارت قيمة الجنيه السوداني، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية. كما أدت العقوبات الدولية وتعثر الاستثمار الأجنبي إلى تعميق الأزمة، ما يجعل التعافي الاقتصادي بعد الحرب مهمة شاقة تحتاج إلى استقرار سياسي شامل.

 

• الحرب لم تؤثر فقط على السياسة والاقتصاد، بل طالت البنية الثقافية للبلاد، حيث تعطلت المؤسسات الثقافية، وتوقفت الأنشطة الإبداعية، واضطر كثير من المثقفين والفنانين إلى الهجرة. كما شهد المجتمع السوداني تحولات ثقافية عميقة، حيث زادت مظاهر العنف والتطرف على حساب القيم التقليدية التي كانت تسود في فترات السلم.

 

• لطالما كانت العلاقة بين القوة والسلطة محل جدل فلسفي. في السودان، يتجسد هذا الجدل في سؤال جوهري: هل يمكن للسلاح أن يمنح شرعية الحكم؟ الفلاسفة السياسيون، مثل ماكس فيبر، يرون أن السلطة تحتاج إلى شرعية تتجاوز القوة العسكرية، إذ إن الحكم القائم على القوة وحدها مصيره إلى الزوال. التجربة التاريخية السودانية تُظهر أن الأنظمة التي وصلت إلى السلطة بالقوة العسكرية واجهت تحديات مستمرة في الحفاظ على شرعيتها، وهو ما يجعل مستقبل أي حكم عسكري محفوفًا بالمخاطر.

 

• السودان اليوم يقف على مفترق طرق، بين استمرار الفوضى أو إعادة بناء الدولة على أسس جديدة. إن تجاوز آثار الحرب يتطلب مصالحة شاملة، وعدالة انتقالية، وإصلاحًا سياسيًا واقتصاديًا عميقًا. فهل يتعلم السودانيون من دروس الماضي، أم أن دوامة العنف ستستمر في حصد المزيد من الأرواح؟

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.