
في السودان.. الأطفال بين نار الحرب وأمل المساحات الآمنة
وسط أصوات القصف وهدير الطائرات، تحاول مجموعات من المتطوعين السودانيين انتشال الأطفال من مستنقع الصدمات النفسية الذي غرقت فيه طفولتهم منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. عبر ما يعرف بـ”المساحات الآمنة”، يسعى هؤلاء المتطوعون إلى إعادة البسمة إلى وجوه الصغار، في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
تقول نسيبة حيدر، عضو إحدى غرف الطوارئ بالخرطوم، في حديثها لـ”الغد السوداني”:
“المساحات الآمنة أثبتت أنها وسيلة فعالة لإخراج الأطفال من دوامة العنف والصدمات. نحاول منحهم مساحة للتعبير والإبداع، بعيدًا عن أهوال الحرب، من خلال أنشطة ترفيهية ورياضية ومسابقات رسم بسيطة.”
وتضيف أن المتطوعين لاحظوا تغيرات جوهرية في نفسيات الأطفال بعد مشاركتهم في هذه الأنشطة، إذ يستعيدون ذكريات الدراسة واللعب، ويشعرون بسعادة غامرة عند حصولهم على أقلام التلوين. غير أن رسوماتهم تعكس واقعًا مؤلمًا، إذ تكثر فيها مشاهد الدبابات والطائرات الحربية والدماء، إلى جانب كلمات تعبر عن أمنياتهم مثل “السلام” و”الأمان” و”الشجاعة”.
- أثر طويل الأمد وندوب نفسية
يواجه الأطفال الذين نجوا من ويلات الحرب تحديات نفسية عميقة، تتطلب، وفقًا للمتطوعين، وقتًا طويلاً لمعالجتها. في هذا السياق، تقول سيدة محمد، وهي عضو في غرفة طوارئ أخرى، لـ”الغد السوداني”:
“التعامل مع الأطفال في هذه الظروف ليس سهلاً، خاصة وأنني شخصيًا كنت أعاني من نوبات خوف بسبب أصوات الرصاص والطائرات. لكنني قررت تجاوز مخاوفي لمساعدتهم، وأصبحت أقدم لهم أفكارًا وبرامج ترفيهية تمنحهم إحساسًا بالاستقرار.”
وتضيف أن بعض الأطفال يعانون من القلق لدرجة التبول اللاإرادي، مما دفعها إلى توظيف اللعب كوسيلة علاجية لتخفيف التوتر والخوف لديهم.
- “نقاط مضيئة” وسط الدمار
على الرغم من المأساة، يرى ممثل منظمة اليونيسف في السودان، شيلدون يات، أن هناك “نقاطًا مضيئة” تبعث على الأمل، مشيدًا بجهود المتطوعين في المجتمعات المحلية. وقال في تصريح سابق:
“هذه المبادرات تنبع من طيبة قلوب الناس، فهم يقدمون ما يستطيعون بأقل القليل لمساندة الأطفال، وهو ما جعل المساحات الآمنة تنتشر بشكل عفوي.”
ورغم غياب الدعم الكافي، لا يزال المتطوعون يواصلون جهودهم، مدفوعين برغبتهم في إنقاذ جيل كامل من أطفال السودان من براثن الحرب، ومنحهم فرصة لحياة أكثر أمانًا واستقرارًا.