“كرتي بي كرتين”: صرخة شعرية ضد تدهور السودان

قصيدة جديدة للصحفي والشاعر السوداني الجميل الفاضل أثارت جدلاً واسعاً بعد نشرها مؤخراً في أوغندا، حيث يقيم بسبب الحرب الدائرة في السودان. القصيدة، التي حملت عنوان “كرتي بي كرتين”، مزجت بين السخرية والانتقاد اللاذع، متناولة الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد، وسط استمرار النزاع المسلح.

 

القصيدة تُبرز بشكل فني متشابك الواقع السوداني الحالي، مستخدمة استعارات وصوراً قوية تلامس صميم الأزمات. من “الكرتين” اللذين يحملان في طياتهما إحالات غامضة إلى تيارات سياسية متصارعة، إلى “الوردة المسكونة” التي ترمز إلى الخراب المزمن، يبدو أن الفاضل يقدم نصاً شعرياً يتجاوز كونه مجرد فن، ليصبح شهادة اجتماعية وسياسية على زمن مليء بالفوضى والتناقضات.

 

  • رمزية ساخرة من واقع مأزوم

في المقطع الأول، يبدأ الشاعر بوصف التشتت والضياع:

“دغش الغبش، دغشين
دغشا ضلامو تخين
ضهبنا بين دربين
ركبنا في سرجين
ختانا بين أمرين
وقعنا نص كمين.”

 

يمثل هذا المقطع حالة الانقسام والاضطراب التي يعانيها السودان، حيث يجد المواطن نفسه بين خيارات مستحيلة، في ظل تعقيدات سياسية لا ترحم.

 

  • هجوم على “الكرتين”

المقطع الثاني يلقي الضوء على “الكرتين”، اللذين يمكن تفسيرهما كرمزين للتيارات الدينية والسياسية المتصارعة:

“ودغشا حجيرو طرين
بجرح
وجرحو دفين
حافرينلو بي أب راسين
دافننو باسم الدين
لافنو بي كرتين.”

 

القصيدة تُدين بوضوح استخدام الدين كوسيلة لتمرير الأجندات السياسية، وهو انتقاد مألوف في أعمال الجميل الفاضل، الذي طالما عُرف بجرأته في مهاجمة النفاق الديني.

 

  • السودان في دائرة الحرب

القصيدة تمضي لتصف مشهد السودان الغارق في العنف، حيث “الطايرة البرميلية” و”الخاصة العدوانية” تشكلان صوراً مباشرة لواقع الحرب الوحشية.

“عرتنا من الثورية
والنخوة الإنسانية
والسمعة الكان مطرية
في الدنيا شرق غربية.”

 

هنا، الشاعر ينعى فقدان السودان لصورته الحضارية والثورية، في ظل استمرار الانتهاكات والصراعات المسلحة التي دمرت النسيج الاجتماعي، وأفسدت سمعة البلاد دولياً.

 

  • رسالة احتجاجية قوية

قصيدة “كرتي بي كرتين” ليست مجرد عمل شعري، بل هي دعوة مفتوحة للتفكير والاحتجاج. الفاضل لا يترك مجالاً للحياد، بل يدفع القارئ إلى مواجهة الحقائق المرة، مستعيناً بلغة شعبية مليئة بالحيوية والتناقضات التي تعكس تعقيدات الواقع السوداني.

 

من خلال هذه القصيدة، يبدو أن الجميل الفاضل يقدم شهادة مريرة على زمن مشحون بالدماء والخراب، داعياً السودانيين لإعادة النظر في مسارهم، ومحذراً من أن استمرار الصراع لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور.

 

  • صوت المنفى الصارخ

الجميل الفاضل، الذي يعيش في المنفى منذ فترة، يُظهر عبر أعماله الأخيرة عمق تأثره بما يحدث في بلاده. قصيدة “كرتي بي كرتين” هي صرخة من أجل السلام والعدالة، لكنها في الوقت نفسه تساؤل مؤلم عن مصير وطن يبدو أنه ينجرف أكثر فأكثر نحو المجهول.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.