
من صدمة المال إلى سخرية الواقع: حكاية تاجر البصل التي غزت السوشيال ميديا السودانية
- في زمن تنهشه الأزمات الاقتصادية وتغمره التحولات السياسية، تحولت قصة تاجر بصل سوداني أودع مبلغاً صادماً وصل إلى 11 تريليون جنيه سوداني في أحد البنوك إلى حديث الساعة على وسائل التواصل الاجتماعي. المشهد، الذي كان أشبه بفيلم درامي، أشعل سخرية واسعة، وجعل من السودانيين يعبرون عن دهشتهم وروحهم الفكاهية المعتادة في مواجهة واقعهم المتأزم.
السخرية تروي القصة
الصورة التي أثارت الضجة كانت لأموال مكدسة بشكل مثير، ممتدة على أرضية البنك. في مشهد يبدو أنه كُتب خصيصاً لوسائل التواصل، أضاف رواد المنصات السودانية تعليقاً طريفاً عبروا فيه عن المفارقة بين واقع الأطباء والمهندسين وما يمكن أن تدرّه تجارة “البصل” من ثروات طائلة
ظاهرة قديمة في ثوب جديد
ويشير الباحث الاجتماعي عبد الغني خلف الله إلى أن السودانيين لطالما استخدموا النكتة كأداة للتنفيس والتعبير عن مشاعرهم تجاه الأزمات الاجتماعية والسياسية. ويقول لـ”الغد السوداني”: “السخرية ليست فقط للتسلية، لكنها شكل من أشكال المقاومة الناعمة التي تُبرز حالة التناقض بين طموحات المجتمع وواقعه المرير”
من جانبه، يصف الدكتور حيدر علي، الأخصائي النفسي، هذه الظاهرة بأنها جزء من الثقافة السودانية العميقة، التي تتخذ من الفكاهة ملاذاً من ضغوط الأوضاع المعيشية، مضيفاً في حديثه لـ”الغد السوداني”: “برغم مأساوية المشهد، يستمر السودانيون في مواجهة أزماتهم بروح الدعابة والقدرة على تحويل الألم إلى مادة للضحك”
وسائل التواصل وتعزيز التأثير
مع انتشار الفيديو والصور على تيك توك وفيسبوك، وصلت القصة إلى “الترند”، حيث أبدع السودانيون في تصوير المشهد بروايات مختلفة، تتراوح بين النقد اللاذع والتعليقات الساخرة التي تمزج بين الواقع والخيال. يقول محمد الفاتح، الخبير في وسائل التواصل الاجتماعي، لـ”الغد السوداني”: “هذه القصة تحمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية عميقة، حيث تكشف عن التفاوت الكبير في المجتمع، لكنها أيضاً دليل على قدرة الشعب السوداني على المزج بين الفكاهة والتعبير عن الواقع القاسي”
في بلد يعاني من أزمات متلاحقة، تتحول القصص الصغيرة إلى مواضيع كبرى على السوشيال ميديا، حيث يجد السودانيون في هذه المنصات نافذة للتعبير عن أنفسهم، وتحويل المعاناة إلى لحظات جماعية من السخرية والإبداع.