من الداخل.. الجحيم اليومي في سجن سوبا هل أصبح “صيدنايا” السودان؟
في حادثة هزت السودان في 21 ديسمبر 2024، اقتحمت قوات تابعة للمتمرد “جلحة” سجن سوبا بالعاصمة الخرطوم، ما أدى إلى إطلاق سراح مئات المعتقلين، بينهم مدنيون وعسكريون. الواقعة لم تكن مجرد عملية هروب جماعية، بل فتحت الباب أمام تساؤلات حول طبيعة هذا السجن، الذي أضحى رمزًا للانتهاكات، وعن دور قوات الدعم السريع في إعادة تشكيل المشهد الأمني بالسودان.
- سجن سوبا.. من مكان احتجاز إلى رمز للمعاناة
يُعد سجن سوبا أحد أكبر السجون في السودان، إذ يضم نحو 4,000 معتقل، في ظل ظروف شديدة القسوة. تقارير حقوقية أفادت بأن السجن شهد انتهاكات خطيرة، شملت التعذيب النفسي والجسدي والإهمال الطبي. بعض المعتقلين قضوا نحبهم نتيجة التعذيب أو المرض، وآخرون فقدوا عقولهم بسبب المعاملة اللاإنسانية.
على منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت روايات مرعبة عن أوضاع المعتقلين، بينهم نساء وأطفال محتجزون دون أي إجراءات قانونية. أحد الناجين، فضل حجب هويته، قال لـ”الغد السوداني”: “كنا نعيش في عذاب يومي. كل شيء كان ضدنا، الطعام، الماء، وحتى الضوء”.
- قوات الدعم السريع.. من المسؤول؟
عملية الاقتحام التي نفذتها قوات الدعم السريع أزاحت الستار عن دور هذه القوة شبه العسكرية في السيطرة على المشهد الأمني. مصادر حقوقية تقول إن الاقتحام كان محاولة لاستعراض القوة، لكنه أثار غضبًا واسعًا بسبب استخدام السجون كورقة ضغط سياسية في الصراع المستمر.
- النقيب محمد الهادي.. ضحية حرب وانتهاكات
من بين القصص التي خرجت إلى العلن بعد اقتحام السجن، برزت قصة النقيب محمد الهادي حامد مرجي، الضابط بالقوات المسلحة السودانية. كان محتجزًا في سجن سوبا منذ بداية الحرب، حيث تعرض لانتهاكات قاسية انتهت بتصفيته على يد قوات الدعم السريع.
النقيب محمد الهادي هو نجل اللواء معاش الهادي مرجي، شخصية بارزة في حزب الأمة. الحزب أصدر بيانًا يدين الجريمة ويصفها بانتهاك صارخ للقيم الإنسانية.
- حقوق الإنسان في خطر
منظمات حقوقية ودولية دعت إلى تحقيق عاجل في انتهاكات حقوق الإنسان في سجن سوبا. تقول إحدى المنظمات المحلية: “ما يحدث في سوبا يعكس انهيارًا كاملًا لمنظومة العدالة في السودان”.
وأعربت “مبادرة مفقود” عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية في سجن سوبا بالعاصمة السودانية، الخرطوم، عقب اشتباكات بين عناصر من قوات الدعم السريع بين يومي 19 و21 ديسمبر 2024. وأفادت المبادرة في بيان بأن هذه الأحداث أسفرت عن فرار عدد من المعتقلين، وسط غياب تام للاتصالات وانقطاع الإنترنت، مما زاد من قلق الأسر على مصير ذويهم.
وأكد البيان أن المعتقلين المحتجزين بشكل تعسفي يعانون من حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك حق المحاكمة العادلة والرعاية الصحية. ودعت المبادرة قوات الدعم السريع إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين وضمان سلامتهم، مع تسهيل تواصلهم مع أسرهم، والتعاون مع المنظمات الحقوقية. كما طالبت بتحقيق شفاف في الحادث وإشراك الصليب الأحمر لضمان سلامة الفارين.
واختتمت المبادرة بدعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الشعب السوداني والضغط لوقف الانتهاكات.
- هل يظل سوبا “صيدنايا السودان”؟
مع استمرار النزاع المسلح في السودان، وتزايد الانتهاكات داخل السجون، يظل سجن سوبا شاهدًا حيًا على تفاقم أزمة حقوق الإنسان في البلاد. الحلول القانونية غائبة، والدعوات الدولية وحدها قد لا تكون كافية لإنهاء معاناة آلاف المعتقلين.