“الطلقة ما بتقتل”.. حكاية الهتافات التي أشعلت الثورة السودانية
عندما اندلعت شرارة ثورة ديسمبر 2019، لم تكن مجرد احتجاجات على ارتفاع أسعار الخبز، بل كانت تعبيرًا عن عقود من الظلم والفساد. ومع تصاعد الغضب الشعبي، خرج السودانيون بهتافات جسّدت روح الثورة وأصبحت مع مرور الوقت رموزًا للنضال، مثل شعار “حرية، سلام، وعدالة”.
تلك الهتافات لم تكن مجرد كلمات، بل نداءات تحمل أوجاع وطن بأسره، بدءًا من “تسقط بس”، الذي بدأ كرد فعل بسيط على الظلم وتحول إلى هدف وطني لإسقاط النظام. شعار “مدن السودان تنتفض” كان أيضًا رمزًا للوحدة الوطنية وعبّر عن شمولية الثورة، حيث احتشد السودانيون من كل بقاع البلاد تحت راية واحدة.
القمع يواجه الهتاف
واجه النظام السوداني المتظاهرين بقبضة حديدية. ومع ذلك، أثبت الشعب السوداني صموده بترديد شعارات مثل “ما بنرجع لوراء”، التي عكست العزيمة الثورية للمضي قدمًا مهما كانت التضحيات. كما عبّر شعار “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” عن وحدة السودانيين في مواجهة الظلم العرقي.
“الطلقة ما بتقتل”.. الشعر صوت الثورة
حملت الثورة السودانية بُعدًا ثقافيًا مميزًا بفضل حضور الشعر الذي استُخدم في صياغة شعارات الهتاف. كان الشاعر الراحل محمد الحسن سالم حميد رمزًا للثوار بأبياته التي عبرت عن آلام وآمال الشعب السوداني. أبيات مثل: “أتبرأ الطيبة يا منجم الثورات”، أصبحت كلمات خالدة تغني بها المتظاهرون.
الشاعر الشاب معد شيخون هو الآخر برز خلال الثورة بقصائده مثل “دابيوا”، التي مثلت دعوة للتوحد بين قبائل السودان. ويؤكد الناشط عادل إسماعيل أن الشعر السوداني كان دائمًا في قلب النضال، مستشهدًا بأعمال خليل فرح في فترة الاستقلال.
الراب السوداني: صوت الشباب الثائر
مع تصاعد زخم الثورة، برز جيل جديد من الهتافات المستوحاة من أغاني الراب السوداني. أغنية “ثورة” للفنان مو، وهتافات مثل “ما بنخاف”، ألهمت الشباب لمواصلة النضال. يقول فضيل عمر، أحد متحدثي لجان المقاومة، إن تلك الأغاني ساعدت في رفع وعي الجماهير وإبراز الهوية السودانية، كما أُعيد استخدامها لاحقًا في أفلام وثائقية وأعمال فنية سجلت لحظات الثورة.
ثورة غير تقليدية
بعيدًا عن النمطية، ابتكر الشارع السوداني هتافات جديدة تنبع من واقع الحياة اليومية، مثل “على العهود ما مشكلة الماتو كتار ما مشكلة دي قضية كبيرة وطن”، التي تعكس حجم التضحيات.
كانت هتافات الثورة السودانية أكثر من مجرد كلمات تُقال في الشوارع. لقد كانت صوت الشعب وصورة تطلعاته، وستظل شاهدة على صمود شعب يطمح إلى مستقبل أفضل.