من الفساد إلى انهيار القطاعات الإنتاجية: كيف أضرت سياسات الإخوان المسلمين بالسودان؟
دور الإخوان في تأجيج الأزمات الاقتصادية في السودان: إرث نظام الإنقاذ البائد
بورتسودان – الغد السوداني
منذ استيلائهم على السلطة في عام 1989، ارتبطت جماعة الإخوان المسلمين في السودان بنظام عمر البشير الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عامًا فيما يُعرف بـ”نظام الإنقاذ”. خلال تلك الحقبة، شهد السودان تدهورًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث ساهمت سياسات النظام في تأجيج الأزمات الاقتصادية المتعددة، التي لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم.
اقتصاد قائم على الفساد والمحسوبية
كان نظام الإنقاذ بقيادة البشير يعتمد بشكل كبير على شبكة معقدة من الفساد والمحسوبية، مما أضعف مؤسسات الدولة. تم تخصيص العقود والمشاريع الحكومية بناءً على الولاء السياسي بدلًا من الكفاءة، مما أدى إلى هدر موارد الدولة وتعطيل التنمية. هذا النهج دفع العديد من المستثمرين للابتعاد عن السودان، مما أدى إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
تدمير القطاعات الإنتاجية
تسببت سياسات نظام الإنقاذ في تدمير القطاعات الإنتاجية الرئيسية في السودان، وخاصة الزراعة والصناعة. على سبيل المثال، كان السودان يعتبر من أكبر منتجي القطن والصمغ العربي في العالم، لكن الإهمال وسوء الإدارة والفساد أدى إلى تدهور هذه القطاعات الحيوية. إضافة إلى ذلك، أضرت الخصخصة العشوائية بالشركات العامة، مما أدى إلى انهيار الصناعة الوطنية وزيادة معدلات البطالة.
عقوبات اقتصادية وعزلة دولية
بسبب دعم النظام للجماعات المتطرفة وتورطه في النزاعات الإقليمية، فُرضت على السودان عقوبات اقتصادية دولية، أبرزها من الولايات المتحدة. هذه العقوبات أدت إلى عزلة السودان عن النظام المالي العالمي، مما أثر على قدرته في الحصول على التمويل والتكنولوجيا الضرورية لتطوير اقتصاده. وبدلًا من معالجة أسباب هذه العقوبات، سعى النظام لتعزيز علاقاته مع دول خارج النظام الدولي، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية.
استنزاف الموارد لصالح النخبة
من أبرز الأزمات التي خلفها نظام الإنقاذ هو استنزاف موارد الدولة لصالح النخبة المرتبطة بالجماعة الحاكمة. استحوذت هذه النخبة على جزء كبير من عائدات النفط، خاصة بعد اكتشافه في أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة. لكن بدلاً من استخدام هذه العائدات لتنمية الاقتصاد، تم توجيهها نحو تمويل مشاريع فاشلة ودعم حروب أهلية دموية.
أزمة الديون وانهيار العملة
ترك نظام الإنقاذ البلاد مثقلة بديون خارجية تجاوزت 60 مليار دولار، مع تضخم هائل وانهيار في قيمة العملة الوطنية. هذا الوضع تفاقم بعد انفصال جنوب السودان في عام 2011، والذي أدى إلى فقدان السودان نحو 75% من إيراداته النفطية.
إصلاحات مستقبلية
إرث جماعة الإخوان المسلمين ونظام الإنقاذ في السودان لا يزال يلقي بظلاله على الاقتصاد السوداني حتى بعد سقوط النظام في 2019. ولا يزال الشعب السوداني يعاني من تداعيات هذه السياسات، مما يجعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي في ظل الظروف الحالية. أي إصلاحات اقتصادية مستقبلية يجب أن تعالج جذور هذه الأزمات من خلال مكافحة الفساد وإعادة بناء مؤسسات الدولة.