
الحرب في السودان تدفع الطيور المهاجرة نحو المجهول وتغير وجهتها
بينما تعرف هجرة الطيور بأنها حركة موسمية تنقل الطيور من نصف الكرة الشمالي إلى الأماكن الدافئة في الجنوب، إلا أن الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة والدعم السريع، والتي تجاوزت يومها الـ 500، أضافت سبباً جديداً لهجرة الطيور. فإلى جانب النازحين واللاجئين، تنضم الطيور إلى قائمة ضحايا الحرب التي غيرت مسار هجرتها الطبيعية، وأثرت بشكل ملحوظ على النظام البيئي.
وفقًا لناجي عبدالله الأمين، عضو المكتب التنفيذي السابق للجمعية السودانية للطيور الزينة، فإن الحرب الدائرة أحدثت ارتباكًا في مسار هجرة الطيور، التي تعتمد على حواجز طبيعية وأجهزة حساسة في أدمغتها لتحديد وجهتها. يقول الأمين لـ«الغد السوداني» إن أصوات الرصاص وتدمير البيئة الطبيعية دفع الطيور إلى تغيير مسار هجرتها أو تعطيلها بشكل كبير. الطيور التي كانت تأتي من أصقاع أوروبا الباردة عبر مصر، أصبحت تواجه تحديات كبيرة في السودان نتيجة الاضطرابات البيئية المستمرة.
تأثيرات بيئية كارثية
الحرب لا تؤثر فقط على حركة الطيور، بل تمتد إلى بيئتها وتكاثرها. د. أمير خليل من منظمة “فور بوز” البريطانية أشار إلى أن الطيور المهاجرة التي كانت تجد موطنًا مؤقتًا في الخرطوم أو الباقير، أصبحت تواجه صعوبة في بناء أعشاشها نتيجة التلوث والتدمير البيئي. يقول خليل لـ«الغد السوداني»: “الطيور لن تتمكن من بناء أعشاشها في ظل هذه الظروف، مما يؤدي إلى انخفاض في قدرتها على التكاثر، وتأثيرات سلبية على النظام البيئي على المدى البعيد”.
وتابع خليل أن أحد التأثيرات الأخرى الهامة هو اختفاء براز الطيور الذي يعتبر عنصرًا مهمًا في تسميد التربة. فالطيور المهاجرة كانت تساعد في نقل البذور وإعادة توزيع المغذيات عبر البلدان، وهذه العملية الحيوية أصبحت مهددة بسبب قلة عدد الطيور التي تزور السودان.
تأثير الحرب على التنوع البيولوجي
السودان الذي يضم أكثر من 4 محميات طبيعية، يتميز بتنوعه البيئي الذي يشمل مناخًا صحراويًا في الشمال ومناطق السافانا في الغرب والوسط. وعلى مدار العقود الماضية، كانت السودان موطناً لـ 600 نوع من الطيور المستوطنة والمهاجرة. إلا أن الجنيد كبوشية، هاوي تربية الطيور النادرة، يؤكد أن أعداد الطيور المهاجرة بدأت في التناقص بشكل ملحوظ قبل بداية الحرب نتيجة الصيد الجائر وتدهور الغابات. ومع استمرار الحرب، فإن أنواعًا نادرة من الطيور تواجه خطر الانقراض.
يقول كبوشية لـ«الغد السوداني»: “كان السودان محطة مهمة للطيور المهاجرة التي تبدأ في الوصول منتصف أغسطس وتعود في مارس. ولكن تناقصت أعدادها بشكل كبير بسبب التأثيرات المدمرة للحرب والصيد غير المشروع الذي ازداد في ظل الفوضى”.
لا تهدد البشر فقط
الحرب في السودان لا تهدد فقط حياة البشر، بل تتسبب في تغيير جذري في النظام البيئي الطبيعي. الطيور المهاجرة التي كانت تعتمد على السودان كمحطة أساسية في رحلتها، أصبحت تواجه تهديدات كبيرة من الحرب والصيد الجائر، مما قد يؤدي إلى انهيار في التوازن البيئي.