
كيف أنقذت الحرف اليدوية الأسر السودانية اللاجئة من شبح الأزمات الاقتصادية؟
بعد مرور عام ونصف على الحرب في السودان، وفقدان العديد من السودانيين لمصادر دخلهم، اتضحت أهمية امتلاك مهارات حرفية كوسيلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل الأزمات. فالذين يمتلكون حرفًا يدوية استطاعوا تأمين قوت يومهم، في حين أن أصحاب الوظائف التقليدية وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة واقع اقتصادي مرير، عاجزين عن التكيف مع متطلبات الحياة الجديدة.
سامية علي، لاجئة سودانية في مصر، ترى في حديثها لـ«الغد السوداني» أن الحرب جعلت السودانيين يدركون أن الحرف اليدوية تتيح فرصًا أكبر للبقاء. تقول سامية: “تعلمنا من التجربة أن العمل اليدوي هو ما يضمن استمرارنا، فمقولة “سبع صنائع والبخت ضائع’ لم تعد تنطبق علينا”. وهي تعتمد الآن على صناعة البخور والمواد العطرية، على الرغم من أن الدخل الذي تحققه لا يفي بكافة التزاماتها.
في سياق مشابه، تروي مها عثمان، لاجئة سودانية أخرى، قصتها مع بيع مستحضرات التجميل التي تصنعها بيدها. تقول مها لـ«الغد السوداني»: “أضمن جودة المنتجات التي أبيعها، وأستطيع بذلك تأمين قوت يومي”. وجدت نفسها في مصر بلا عائل بعد وفاة زوجها بسبب الحرب، وتعمل الآن لتوفير احتياجاتها اليومية رغم الظروف الصعبة.
من خلال تعلمها لضفائر “المشاط” الأفريقية عبر اليوتيوب، استطاعت هالة دهب أن تصبح واحدة من أشهر السيدات السودانيات في هذا المجال، وتفتتح مركزًا للتجميل. وقد ساعدتها هذه المهارة في توفير دخل مستدام.
إبتهاج دردق، مهندسة مدنية سودانية، تروي تجربتين في مجال الحرف اليدوية. الأولى كانت في مجال المخبوزات لزيادة دخل أسرتها، حيث قالت في إفاداتها لـ«الغد السوداني»: “على الرغم من المنافسة العالية، استطعت تحقيق نجاح بفضل جودة منتجاتي”. ثم انتقلت بعد ذلك إلى صناعة العطور السودانية، حيث ألهمها الانتشار الواسع لهذه المنتجات خلال الحرب لتطوير عطور تلبي متطلبات المستهلكين الحديثة.
“تظهر في الصورة فتاة سودانية لاجئة تعمل بجد وإبداع على صناعة الملابس اليدوية من الكروشيه. تعكس الملابس التي ترتديها، بتصميمها الفريد والألوان المتناغمة، مهاراتها الاستثنائية في فن الكروشيه. تمثل الفتاة قصص العديد من النساء اللاجئات اللواتي وجدن في الحرف اليدوية وسيلة للتعبير عن أنفسهن وتحقيق الاستقلال المالي “.
أما نمارق عوض، التي تحدثت مع «الغد السوداني» فقد تعلمت فن “الكروشيه” من خلال مقاطع الفيديو التعليمية على الإنترنت. بدأت بصنع قطع بسيطة مثل “الهير باند”، لكنها وصلت إلى تصميم بلوزات كاملة. ورغم أن العمل يستغرق وقتًا طويلًا، إلا أن هذه المهارة ساعدتها في تحقيق دخل مادي خلال الأزمة.
شيماء الشيخ، وهي حرفية سودانية، تعتقد في إفاداتها لـ«الغد السوداني» أن النساء الحرفيات لعبن دورًا حيويًا في دعم أسرهن خلال الحرب. وتقول إن تطور الحرف اليدوية، لا سيما في مجتمعات اللجوء، يعكس مستقبلًا واعدًا لهذا القطاع، ويظهر أهمية الحرف في اقتصاديات الأزمات.
تظهر قصص هؤلاء النساء السودانيات قدرة الإنسان على التكيف مع أصعب الظروف الاقتصادية والاجتماعية. فقد أثبتن أن الحرف اليدوية ليست مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل هي سلاح للبقاء في مواجهة تحديات الأزمة.