وهل تلتف حبال اللعب أخيرا حول عنق البرهان؟

الجميل الفاضل يكتب:
ترامب، رجل لا يؤمن بالصفقات الناقصة، درج علي الا يغفر لمن يحرجونه علي المسرح الدولي، أو من يقاومون الخرائط التي يرسمها بقلمه، أو بألوان حلفائه.
إلي درجة بدا وكأن صورة “الهيبة” التي يحرص عليها جدا، قد أضحت معاملا ثابتا تدور في فلكه كل سياسته الخارجية.
كما أن كثيرا من مواقفه تؤكد أنه ربما يعتبر أي تراجع عن خطوة بدأها “هزيمة شخصية” له.
ولذا اعتقد أن ترامب لا يمكن أن يقبل بأن يبدو ضعيفًا، أمام جنرال من دولة هشة كالجنرال البرهان، الذي ركلَّ خارطة طريق الرباعية، معلنا تحديه لرغبة واشنطن المعلنة في طي ملف حرب السودان.
الأمر الذي قد يتحوّل بالبرهان نفسه من مجرد “شخص غير متعاون”، إلى هدف مباشر ينبغي إزاحته ومن معه بالطبع، باسرع ما يمكن، لإعادة ضبط اللعب في إقليم علي شط البحر، بات ملتهبا للغاية، من أرض الصومال، الي جنوب اليمن.
فالبرهان جنرال يقف حاليا على حافة الريح، يحدق في الخرائط القديمة، وفي عينيه ظل وطنٍ يتشظّى، وصدى صوتٍ أمريكيٍّ ليس ناعمًا تماما، وإن بدا في ظاهره كذلك.
إذ يقول نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية تومي بيغوت علي منصة إكس: إن واشنطن تشعر بـ«قلق بالغ» تجاه خطاب البرهان في تركيا، مشيراً إلى أن السودان يعيش لحظة إنسانية حرجة يعاني فيها “عشرات الملايين” من آثار الحرب.
لكن السؤال هل أدرك هذا الجنرال الذي جرّب اللعب على كل الحبال، من قصر بورتسودان إلى بوابة إسطنبول،
ومن نافذة الرياض إلى ظل القاهرة،
أن هذه الحبال ذاتها قد صارت شِراكًا،
وأن البساط بات يُسحب رويدا رويدا من تحت قدميه بهدوءٍ وفي صمت.
فهل سبر هذا الجنرال، غور رسائل واشنطن التي لا زالت مبطنة الي حد ما بغلاف دبلوماسي سميك.
لكن تري، ماذا لو أصبح البرهان في نظر العالم برمته هو المشكلة، لا الطريق إلى حلها؟”.
وماذا لو جاء هذا الحل أخيرا على طريقة هذا الرجل متقلب الأطوار، الذي يصعب في النهاية التنبؤ بتصرفاته؟.
علي أية حال، أتصور أن هذا الجنرال في اختبار أخير، فالهواء من حوله يضيق، والخريطة أمامه تنكمش كجلد أفعى، أما الهيبة الأمريكية في عهد ترامب، فلا تترك ثأرها معلقًا علي جدار هش كهذا.
المهم هل يسمع البرهان الآن وقع كل هذه الخطى التي تحاصر خطاه؟
وهل يدرك أن ما تبقّى ليس سوى لحظة قرار؟ إما أن يستدير له قبل فوات الأوان، أو أن تُستدار عليه الطاولة كلها.
ففي عالم ترامب، تبدو النعومة رفاهية،
والحسم قدرٌ لكل من يؤخّر ساعته عن ميقات الحضور الي الطاولة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.