
البيت المُعاقَب سياسياً: إخلاء منزل أسرة محمد الفكي في أم روابة بلا سند معلن
أم روابة، الغد السوداني – أقدمت السلطات بمدينة أم روابة، صباح الثلاثاء، على إخلاء منزل أسرة محمد الفكي سليمان، القيادي بتحالف «صمود» وعضو مجلس السيادة السابق، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وأسئلة حول توظيف السلطة الأمنية في تصفية الخلافات السياسية.
وبحسب إفادات من الأسرة، طلبت الشرطة من المقيمين في المنزل الواقع بحي عطرون إخلاءه فوراً، قبل أن توضع علامة حمراء على أحد جدرانه تشير إلى أنه “محجوز بأمر السلطات”. وأكد محمد الفكي وإخوته أن المنزل ملك ورثة يعود لجدهم سليمان ود التوم، المتوفى عام 1962، ومسجل باسم عدد من الأبناء والبنات، ولا يخص محمد الفكي وحده كما تزعم الجهات التي نفذت القرار.
وكانت السلطات الأمنية والعسكرية قد أنذرت الأسرة، الأسبوع الماضي، بضرورة إخلاء المنزل خلال مهلة انتهت صباح اليوم. ووفق رواية عمر الفكي، شقيق محمد الفكي، فإن قوة نظامية يقودها ضابط حضرت، السبت الماضي، وشرعت في طلاء أجزاء من المنزل باللون الأحمر، في إشارة إلى الحجز، مستندة – بحسب قوله – إلى مبرر سياسي مفاده أن المنزل “يتبع لشخص معادٍ للحكومة”.
ولا تزال الجهة التي أصدرت قرار الحجز غير معلومة، كما لم تُقدَّم أسباب قانونية واضحة، سوى الإشارة إلى مواقف محمد الفكي السياسية المناهضة للحكم العسكري منذ انقلاب 25 أكتوبر، ورفضه العلني لاستمرار الحرب، ودوره القيادي في تحالف «صمود». ويُعد الفكي من أبرز المعتقلين عقب الانقلاب، قبل الإفراج عنه لاحقاً في سياق اتفاق عبد الله حمدوك – عبد الفتاح البرهان.
وتعيد هذه الخطوة إلى الواجهة تاريخ مصادرة الممتلكات كأداة لمعاقبة الخصوم السياسيين في السودان، وهي ممارسة تفاقمت بشكل واسع خلال فترة حكم الإسلاميين، عقب انقلاب 1989، حيث صودرت دور الأحزاب وممتلكات شخصية، وجُمد النشاط السياسي بقرارات أمنية.
وفي رسالة مفتوحة نشرها الصحفي عمر الفكي على صفحته في فيسبوك، خاطب القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائلاً:
“بيتنا الكائن في حي عطرون بمدينة أم روابة وضعت عليه أجهزتك الأمنية يدها وطردت جيراننا الذين يقيمون به. هذا البيت يا سيد برهان ليس ملكاً لمحمد الفكي مهما كان خلافك معه… هذا منزل جدنا سليمان ود التوم، المتوفى عام 1962 أثناء عودته من الحج، وقبره بمدينة عطبرة”.
وأشار عمر إلى أن منزل الأسرة في حي الصحافة بالخرطوم كان قد تعرض في وقت سابق للانتهاك والسرقة على يد جهات مساندة للجيش، بالدوافع ذاتها المرتبطة بموقف محمد الفكي السياسي الرافض للانقلاب والداعي إلى وقف الحرب.
وتطرح واقعة أم روابة أسئلة متجددة حول حدود السلطة، وغياب سيادة القانون، وتحول الخلاف السياسي إلى عقوبة جماعية تطال الأسر والممتلكات، في بلد أنهكته الحرب وتآكلت فيه الضمانات الدستورية.
