لعبة مزدوجة.. هل تدفع الإمارات عجلة الحرب في السودان لتحقيق مصالحها؟

محجوب عيسى

صحفي سوداني

تستمر الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، مخلّفةً خسائر بشرية ضخمة وتدميرًا للبنية التحتية، إضافةً إلى تصاعد معاناة المدنيين. مع غياب الحلول الدبلوماسية، تعزز دعم الإمارات لأحد أطراف النزاع المخاوف من استمرار الحرب لفترة أطول، ما دفع السودان إلى تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي، متهمًا الإمارات بتقديم دعم عسكري ومالي لقوات الدعم السريع، وهو ما يساعدهم على مواصلة القتال.

بحسب محللين تحدثوا لـ«الغد السوداني» فإن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية. تتحدث هذه التحليلات عن محاولات الإمارات للاستحواذ على مشاريع استراتيجية في السودان، مثل ميناء أبو عمامة، مشروع وادي الهواد، وأراضي الفشقة ومشروع الجزيرة. ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي، مجدي عبد القيوم، في إفادته لـ«الغد السوداني» أن الإمارات ترى في هذه المشاريع فرصًا اقتصادية مهمة، وهو ما يفسر دعمها للقوات التي قد تضمن تحقيق تلك المصالح.

 

شريك رئيسي في الحرب:

في يناير 2024، قدم السودان شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد الإمارات، يقول عبد القيوم إنها مدعومة بصور ومستندات تثبت تورط الإمارات في دعم قوات الدعم السريع. تضمن الشكوى تفاصيل حول علاج مقاتلي الميليشيا في مستشفى زايد العسكري في أبوظبي، وصورًا لصناديق ذخيرة وأسلحة مصدرها الإمارات، بالإضافة إلى شاحنات وأدوية إماراتية حديثة الصنع التي استولت عليها القوات المسلحة السودانية.

كما أكدت الشكوى وجود تقارير تفيد بتجنيد الإمارات لمرتزقة من دول مختلفة لدعم قوات الدعم السريع، مما يعزز اتهامات بأن الإمارات ليست مجرد داعم غير مباشر، بل شريك رئيسي في الحرب.

 

موقف الإمارات الرسمي:

في حين تتهم الخرطوم الإمارات بدعم الميليشيات، تتبنى الإمارات نهجًا مختلفًا في الرد على هذه الاتهامات. قدمت الإمارات مساعدات إنسانية للسودان بلغت قيمتها 230 مليون دولار، شملت مساعدات غذائية وطبية، فضلاً عن بناء مستشفيين ميدانيين للاجئين السودانيين في تشاد. كما تعهدت الإمارات مؤخرًا بتقديم 100 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.

 

المصالح الاقتصادية والأمنية:

من وجهة نظر خبراء الشأن السوداني، تسعى الإمارات إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في السودان، حيث تمتلك استثمارات في قطاع الموانئ والذهب، ويقول الخبير في الشؤون العربية، فتحي حسن لـ«الغد السوداني» إن الإمارات تسعى للاستثمار في الزراعة في مناطق مثل الفشقة. هذا الدور يعكس رغبتها في توسيع نفوذها الاقتصادي في المنطقة.

 

البُعد الجيوسياسي للسودان:

يرى حسن، أن الموقع الاستراتيجي للسودان وثرواته الطبيعية من مياه وأراضٍ زراعية ومعادن، جعلت من السودان محورًا للتنافس الدولي والإقليمي. الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع تتيح فرصًا أكبر للتدخلات الأجنبية وتوسيع النفوذ، ما يفسر اهتمام الإمارات بأطراف النزاع.

 

تداعيات النزاع على السودان والإمارات:

منذ نوفمبر 2023، شهدت العلاقات بين السودان والإمارات توترًا متزايدًا، حيث تبادلت الدولتان اتهامات بدعم أطراف النزاع. وعلى الرغم من ذلك، حافظت الدولتان على مستوى معين من العلاقات الدبلوماسية. في مايو 2024، جدد السودان اتهاماته ضد الإمارات، مشيرًا إلى دعمها المستمر لقوات الدعم السريع.

وفي تقرير صادر عن الأمم المتحدة، تم اتهام الإمارات بتوريد الأسلحة والذخيرة عبر رحلات جوية من تشاد إلى السودان، وهو ما يعزز الاتهامات السودانية بالتدخل العسكري الإماراتي.

 

مستقبل العلاقات:

يتضح من خلال الشكاوى والتحليلات أن الإمارات لديها أهداف استراتيجية واقتصادية واضحة من وراء دعمها لقوات الدعم السريع في السودان. ورغم تقديمها لمساعدات إنسانية كبيرة، تبقى الاتهامات الموجهة إليها بدعم الأطراف المتحاربة محل جدل. مستقبل العلاقة بين السودان والإمارات سيعتمد على مدى قدرة الطرفين على تجاوز هذه الأزمة وحل الخلافات بطرق دبلوماسية.