سرديات

بقلم: الزاكي عبد الحميد أحمد

أشرطة كاسيت كانت مشهورة في زمننا بعلامتها المميزة: TDK..كانت أشرطة ذات *شنة ورنة* في زمن مضى..وعبارة شنة ورنة هذه تعني في العربية  الشهرة والمكانة العالية ولها جذور فرعونية ويفسرها  الآثاريون بالخلود..اي الخاتم الذي كتب الخلود لمن لبسه في حياته..

اغنيات وذكريات كان اصحابها يحتفظون بها مسجلة في هذه الأشرطة ..وكنا نعالج الشريط- اذا انقطع بسبب التفافه حول البكرة- بطلاء الأظافر..لا اعرف من الذي أتى بهذه الفكرة  الجهنمية؛ والتي كانت وسيلة ناجحة لاطالة أمد مقتنيات ذلك الزمن الجميل..وكانت عملية نقل المادة من شريط لشريط آخر  تحتاج لكثير من الصبر ..

ما زلت احتفظ بعدد كبير جدا من هذه الأشرطة،  والتي تحتوي على مواد متنوعة؛  منها الأغاني والمحاضرات؛  التي كنت أحرص على تسجيلها؛  أيام كنت مسؤولا عن النشاط الثقافي في النادي السوداني في مسقط..بعضها عليها اسم المادة المسجلة؛ وبعضها بدون اسم..ومن هذه المجموعة الأخيرة كان شريط يحتوي على محاضرة قيمة اعادتني مادتها حين سمعتها الآن؛  إلى طريق يؤدي إلى طريق وبينهما مواقف ومفارقات تسيدتها عبارتنا الشعبية المعروفة: *البتفولحلك اتبوهملو*..!

استجابة لدعوة من رئيس النادي السوداني عصرئذ؛  الأستاذ خالد منصور؛  استضاف مكتب الأنشطة الثقافية والاعلامية في النادي؛  ذات عام؛  اكاديمية هندية اسمها
Aaradhya
والاسم يعني في الموروث الهندوسي (المعبودة)..

اختارت السيدة الهندية ان يكون عنوان محاضرتها  Secret Charity  اي العطاء في السر او الصدقة في السر..

ادارت تلك الجلسة بحنكة معرفية؛ الدكتورة هالة زين العابدين عقيلة صديقي الأستاذ محمد المرتضى حامد؛ صاحب الكتابات الباذخة في الفن المطعّم بالسياسة والتراث بفذلكات فسيفسائية مستعذبة..

*الصدقة في السر* مفهوم متجذر  في العديد من الثقافات والديانات؛  الامر الذي جعل جلسة المناقشات التي اعقبت المحاضرة؛ مترعة بالتعليقات والمقاربات والتي اجادت الدكتورة هالة في لملمة خيوطها وانثيالاتها رغم تشعبها..

ارتكزت محاور المحاضرة؛ والتي كانت باللغة الانجليزية؛   على نقاط منها التواضع  Humility بمعنى العطاء دون طلب للاعتراف  أو الثناء والاخلاص Sincerity بمعنى التركيز على فعل العطاء بدلا من المكاسب الشخصية ومنها الدعم الخفي Discreet Support؛  وغيرها من القيم الإنسانية..

*اسحاق جاتو* مترجم هندي؛  له اسهامات مقدرة في تفسير معاني القرآن الكريم بالانجليزية؛  وتضمنا مجموعة واتساب مع مترجمين من جنسيات مختلفة منهم مستشرقان بريطانيان.. في الأسبوع الماضي عرض علينا اسحاق قصة بعنوان The Old Man’s Secret Charity  *رجل عجوز يتصدق سرا،*  لتحليلها…والقصة واحدة من مجموعة قصصية لكاتب هندي  اسمه  A.K.Ramanujan..

وبما ان الصدقة يتجذر مفهومها في ثقافات عديدة؛  طلب منا زميلنا اسحاق تحليل الاقصوصة؛ والتي قال انه ترجمها الى الانجليزية من اللغة الهندية؛  مع عمل مقاربات لها من الموروثات الشعبية لدى الأعضاء..

لم يجد الأعضاء صعوبة في طرح مواد تحمل قيم الصدقة او العطاء بوجه عام..

في ادبنا السوداني كان المثال الأقرب إلى ذهني؛ قصة قصيرة حكاها الراحل المقيم الأستاذ الطيب صالح؛ ذات مرة..

ولما كانت الاقصوصة تبدأ بعبارة متجذرة وموغلة  في اللهجة السودانية طلب مني الاعضاء ترجمتَها أولا؛ فما كان من سبيل للمراوغة والتبريرات التي لا تصمد امام الشروط التي وضعتها المجموعة لأعضائها..!

*البتفولحلك اتبوهملو* هكذا استهلت قصة قصيرة للطيب صالح كما حكاها:

ﺍﺫﻛﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﺻﻐﺎﺭﺍ ، ﻛﻨﺎ ﻧﻈﻦ ﺍﻧﻔﺴﻨﺎ ﺍﺫﻛﻴﺎﺀ ، ﻓﻨﺤﺘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺣﻴﻼ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻭ ﺗﻮﻗﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ.

ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﻻﺣﻘﺎ ﺍﻥ ﻛﻞ ﺣﻴﻠﻨﺎ ﻛﺼﻐﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﺍﻣﺎﻡ ﻛﺒﺎﺭﻧﺎ ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺘﻐﺎﻓﻠﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺮﺟﻮﻧﺎ، ﻭﻳﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﺍﻣﺎﻣﻨﺎ ﺑﻮﻗﻮﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﻛﻨﺎ، ﻓﻘﻂ ﻟﺘﺴﻠﻴﺘﻨﺎ ، ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺍﻣﺎﻡ ﻃﻔﻠﻪ ﺑﺎﻧﻪ ﺍﻧﺪﻫﺶ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ، ﻓﻴﻨﺘﺸﻲ ﺍﻟﻄﻔﻞ.

ﻛﺒﺮﻧﺎ ﻗﻠﻴﻼ ﻟﻨﺠﺪ ﺍﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻐﺒﺎﺀ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﻟﻜﺒﺎﺭﻧﺎ، ﻳﻤﺎﺭﺳﻮﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﺍﻧﺪﺍﺩﻫﻢ ، ﻳﺘﻐﺎﻓﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﻫﻔﻮﺍﺗﻬﻢ، ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﺑﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺒﺎﺋﻠﻬﻢ، ﻳﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ ﺑﺎﻻﻧﺪﻫﺎﺵ ﻷﻛﺎﺫﻳﺒﻬﻢ، ﻻ ﻳﺤﻘﻘﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻠﻔﻮﻧﻪ ، ﺑﻞ ﻳﻤﻀﻮﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻭﻝ ﻭﻫﻠﺔ ﺭﻏﻢ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﺻﺪﻗﻪ ﻭﺍﻧﻪ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﺳﺘﻐﺒﺎﺀﻫﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﺳﻮﺃ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ، ﻓﻴﺄﻛﻠﻮﻥ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ، ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﺍﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻏﻔﻠﺔ ، ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺪﻫﻢ ﻟﻘﺐ ” ﺯﻭﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺎﻱ ” ﺍﻭ ” ﻓﻜﻲ ” ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﻔﻜﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻛﻨﺖ ﺍﻏﻀﺐ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﺷﺎﻫﺪ ﺍﺣﺪﻫﻢ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﺎﻝ ﻋﻤﻲ ﻣﺜﻼ ﺯﻭﺭﺍ ﻭﺑﻬﺘﺎﻧﺎ ﻭﻋﻤﻲ ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻌﻪ؛ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ ﻳﻀﺤﻚ ﻻﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻲ ﻭﻳﺘﺒﺎﻫﻰ ﺑﺬﻛﺎﺋﻪ.

ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻗﻠﺖ ﻟﻌﻤﻲ : ﻳﺎﺑﺎ .. ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﺭ ﺍﻛﻠﺖ ﺟﺎﻟﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺲ ، ﻟﻜﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺳﺎﻱ ﺑﻘﻮﻝ ﻟﻴﻚ ﺍﻛﻠﺖ ﺟﺎﻟﻮﻧﻴﻦ.

ﻧﻈﺮ ﻟﻲ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ : ﻋﺎﺍﺍﺭﻑ ﻳﺎ ﺍﺣﻤﺪ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ، ﺍﻧﺎ ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﺭ ﺩﻱ ﻋﺎﺭﻓﻬﺎ ﺻﺎﻣﻮﻟﺔ ﺻﺎﻣﻮﻟﺔ ، ﻣﺎ ﺣﺎﻋﺮﻑ ﺑﺘﺎﻛﻞ ﻛﻢ ﺟﺎﻟﻮﻥ؟؟ ﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ ﺯﻭﻝ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﻟﺤﻖ ﺟﺎﻟﻮﻥ ﻭﻣﺴﺘﺤﻲ ﻳﻄﻠﺐ ..ﻧﻘﻮﻡ ﻧﺤﺮﺟﻪ؟؟.

-ﺍﻧﺖ ﻋﺎﺭﻑ ﻳﺎ ﺍﺣﻤﺪ .. ﻋﻤﻚ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﻮﻑ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﺔ ﺑﺴﺮﻗﻮ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﺷﺘﻪ ﺑﺒﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻃﺔ ﻳﺘﻀﺎﺭﻯ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻘﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻋﺸﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺸﻮﻓﻮﻩ، ﻋﺸﺎﻥ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﺎ ﺗﻼﻗﻲ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻭﻳﺘﺤﺮﺟﻮﺍ ﻣﻨﻮ.

-ﻭﺟﺪﻙ ﺍﺣﻤﺪ .. ﺟﺪﻙ ﺍﺣﻤﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﺮﻛﺐ ﺣﻤﺎﺭﺗﻪ ﻭﻳﺨﺖ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺨﻼﻳﺘﻴﻦ ﻣﻘﺪﻭﺩﺍﺕ .. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﺸﻲ ﺣﺒﺔ ﻳﻘﻊ ﻗﻨﺪﻭﻝ ﻋﻴﺶ ، ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺒﺎﺭﻧﻮ ﻳﻠﻘﻄﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻨﺎﺩﻳﻞ ﻭﻫﻢ ﺑﻀﺤﻜﻮﺍ ﻋﻠﻰ “ﺯﻭﻝ ﺍﻟﻠﻪ “ ﺍﻟﻤﺎ ﺑﻌﺮﻑ ﻋﻴﺸﻪ ﻭﻗﻊ ﻭﻻ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﺩﺍ ، ﻭﺟﺪﻙ ﻛﺎﻥ ﻗﺼﺪﻩ ﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺤﺴﺴﻬﻢ ﺍﻧﻮ ﺍﺗﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻋﺸﺎﻥ ﻛﺪﻱ ﻳﺎ ﺍﺣﻤﺪ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ .. ( *ﺍﻟﺒﺘﻔﻮﻟﺤﻠﻚ ﺍﺗﺒﻮﻫﻤﻠﻮ* ):

*(When someone tries to outsmart you; act the goat):*

As children, we thought we were clever and played simple tricks on our seniors to get favors or avoid punishment. However, we later discovered that our elders were aware of our tricks but chose to overlook them, pretending to be fooled just to entertain us. This approach wasn’t limited to children; our seniors would also use this tactic with people of their own age, feigning surprise at their lies and never investigating further.

Some individuals took advantage of this leniency, exploiting others and taking their rights. They would mock their victims, calling them “faki” – someone so naive that others could easily take advantage of them. I would get angry seeing this happen, especially when it involved my uncle, who was always lenient with them. Despite his kindness, the culprits would boast about their cleverness.

One day, I told my uncle, “The motor has consumed only one gallon, but Mahmoud is telling you it used two gallons.” My uncle smiled knowingly and said, “Ahmed, my boy, I know this motor inside out. I know exactly how much fuel it consumes. This man needed help, and I chose not to embarrass him. Your uncle Abdullah would do the same, hiding from people stealing from his farm so they wouldn’t feel ashamed. And your grandfather Ahmed would intentionally let wheat fall from his donkey’s load, allowing people to collect it without feeling like they were being given charity..

Your grandfather’s intention was to give them without making them aware of who the donor was..

*”My boy;  when someone tries to outsmart you; act the goat.”*

في الاقصوصة الهندية كانت المرأة المسكينة التي يعطف عليها سرا بطل القصة؛  ويترك لها الطعام ليلا على عتبة دارها دون ان تدري؛ تستهزيء به وتصفه بالمغفل متى قابلته في الطريق فيما يكتفي هو  بابتسامة تقول الكثير ولا تقول..وتصرف المرأة هنا يكاد ان يكون مماثلا لتصرف الناس الذين كانوا ينعتون المتصدق عليهم سرا ب “*زول الله ساي*” في القصة القصيرة؛  التي حكاها الطيب صالح…الاستغباء كانت الصفة المشتركة في الحالتين مع ما صاحبها من مفارقات مؤلمة..!

أما الخبيئة؛  والتي أتى في سياقها حديث  السيدة Aaradhya؛ بمفهومها الدنيوي؛  حول العطاء في السر؛ فلا يفوت على فطنة القاريء الكريم أن تعاليم حديننا الحنيف تحض عليها..

فعبارة “*ليجعل أحدُكم بينه وبين الله خبيئةً صالحةً*” والتي جاءت في سياق حديث لسيد الخلق-عليه الصلاة والسلام-  تحث على تخصيص عمل صالح سري، يُعرف بالخبيئة الصالحة، لا يطلع عليه أحد سوى الله عز وجل، ويُعد كنزًا من الحسنات في الدنيا والآخرة. تتضمن أمثلة الخبيئة الصالحة الصدقات الخفية، وصلاة الليل دون علم أحد، والأذكار والأدعية السرية، والدموع التي تُنثر في الخلوة، وكلها مظاهر للإخلاص والابتعاد عن الرياء. 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.