منعطف جديد… هل وصلت حرب السودان إلى نقطة اللاعودة؟
حرب السودان لا تزال في حالة تصاعد وتفاقم، فالنزاع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – شبة العسكرية، منذ أبريل 2023 أدى إلى خسائر بشرية فادحة، انهيار البنية التحتية، وزيادة معاناة المدنيين. كما أن غياب أي حلول دبلوماسية واضحة حتى الآن يعزز المخاوف من استمرار هذا الصراع لفترة طويلة. وقد حقق الجيش السوداني تقدمًا ملحوظًا في مواقع حيوية مثل جبل موية والحلفايا. مؤخرًا خرج قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بخطاب مصور أشار فيه إلى تدخلات دولية في الصراع، متهمًا دولًا مثل مصر وإيران وأخرى بدعم الجيش السوداني.
حققت القوات المسلحة السودانية مكاسب كبيرة مؤخرًا، أبرزها سيطرتها على جبل موية، وهو انتصار استراتيجي قلل من قدرة الدعم السريع على حشد قواته. هذه التطورات أدت إلى وضع قوات الدعم السريع في موقف دفاعي ضعيف بعد سلسلة من الهزائم.
وحسب محللين تحدثوا لـ«الغد السوداني» فإن الخطاب الأخير، لحميدتي يمثل اعلان عن الخطة “ب”، التي تستند إلى استنفار القبائل العربية في غرب أفريقيا للقتال إلى جانبه.
لكن الخبير العسكري د. الفاتح عثمان أشار في إفادته لـ«الغد السوداني» إلى أن هذه الخطة من غير المرجح أن تنجح بسبب فقدان الدعم لـ(حواضن كانت ترفده بالمقاتلين) خاصة بعد الخسائر البشرية الكبيرة.
السيناريوهات المتوقعة:
يتوقع بعض الخبراء، مثل د. الفاتح عثمان، أن الحرب قد تنتهي قريبًا باستسلام قوات الدعم السريع أو هزيمتها بالكامل. يُرجع عثمان ذلك إلى تفوق الجيش السوداني من حيث العتاد والتكتيكات، بالإضافة إلى انسحاب الدعم القبلي الذي كانت تعتمد عليه قوات الدعم السريع.
تصاعد الحرب:
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي د. منزول عسل أن الحرب قد تشهد تصعيدًا خطيرًا في المرحلة المقبلة. إذ أشار في حديثه لـ«الغد السوداني» إلى أن خطاب حميدتي الذي تضمن اتهامات دولية يمكن أن يؤدي إلى استقطاب أكبر وتورط دول أخرى في الصراع. ويعتبر عسل أن الحل العسكري لن يكون كافيًا، وأن هناك ضرورة ملحة للحوار ووقف الحرب.
ضعف الدعم الخارجي:
في السياق قال د. راشد التجاني، مدير مركز تحليل النزاعات بجامعة أمدرمان لـ«الغد السوداني» إن الهجوم الأخير للجيش السوداني كسر استراتيجية الحشد العددي لقوات الدعم السريع، وأدى إلى عزل مناطقها في سنار عن الجزيرة. كما أن الأدلة المتزايدة حول تورط الإمارات في الصراع قد تدفعها إلى تقليص دعمها لقوات الدعم السريع، مما قد يؤدي إلى إضعافها بشكل كبير.
ووفقًا للخبراء والمحللين الذين تحدثوا لـ«الغد السوداني» فإن الحرب في السودان دخلت مرحلة جديدة بعد التقدم الكبير للقوات المسلحة السودانية والهزائم المتتالية لقوات الدعم السريع. في حين أن البعض يتوقع نهاية وشيكة للصراع، فإن تصريحات حميدتي حول تدخل دول إقليمية قد تؤدي إلى تصعيد أكبر في الحرب. يبقى الحل السياسي والتفاوضي هو الخيار الأكثر استدامة لإنهاء هذا الصراع المدمر، خاصة بعد استنزاف جميع الأطراف وقرب استنفاد الحلول العسكرية.
نقطة اللاعودة.:
من جهته، حذّر د. صديق تاور، عضو مجلس السيادة السوداني السابق والقيادي بحزب البعث العربي (الأصل)، من وصول الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو 18 شهرًا إلى نقطة اللاعودة.
وقال تاور لـ«الغد السوداني» إن الأبعاد الإنسانية للحرب المدمرة تتفاقم بشكل مرعب، داعيًا أطراف الصراع إلى التراجع عن التصعيد والبحث عن صيغة تعيدهم إلى طاولة المفاوضات، بهدف الوصول إلى حل سوداني يجنب الشعب النتائج الكارثية.
وأشار إلى أن الضجة التي أثارها الظهور الأخير لقائد قوات الدعم السريع، سواء في الأوساط المحلية أو الخارجية، ناتجة عن طبيعة ظهوره هذه المرة. فقد اعتاد اختيار المناسبات التي يظهر فيها بناءً على مجريات الأحداث، والتي كانت في صالحه من الناحية العسكرية طوال الفترة الماضية.
وأضاف: “الأهم أن هذا الخطاب سيكون له تبعات على العمليات القتالية في مختلف الميادين، كرد فعل واستعادة اعتبار. وهذا من شأنه أن يغلق الباب أمام مساعي وقف الحرب، ويضع المواطنين في مواجهة محرقة لا طاقة لهم بها. هذه حرب شاملة تدور في كل أنحاء البلاد، ولذلك لا ينبغي اختزال سيناريوهاتها في حادثة أو حادثتين. للأسف، نحن على موعد مع مرحلة جديدة من المواجهات، ضحاياها هم شعب السودان الذي سئم هذا العبث”.
ويقول تاور إن جميع الحروب يمكن إنهاؤها إذا توافرت الإرادة السياسية والحلول المناسبة. وأن التحدي في السودان يتمثل في توصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق يمكن أن يعيد الاستقرار إلى البلاد.