“إسكوبار السودان” من الدبابين إلى كتائب البراء.. ما دور الإخوان في الحرب؟

في ظل تفاقم الحرب منذ انطلاق رصاصتها الأولى في السودان صباح يوم 15 أبريل قبل الماضي والمستمرة لأكثر من 500 يوم، تردد سؤالان، من أطلق الرصاصة الأولى؟.. ومن المستفيد؟.

الإجابة أتت من طرف الحرب الأول “عصابة الإخوان في السودان” فبظهور رئيس حزب المؤتمر الوطني (المحلول) إبراهيم محمود وسط حشد، بالعاصمة المؤقتة بورتسودان، أكد المراقبون ترجيح فرضية أنّ فصيل الإسلاميين داخل الجيش هو الذي بدأ التحرك العسكري وورّط قيادته في القتال.

حسب مراقيبن تحدثوا لـ«الغد السوداني» كان واضحاً أن ثمة نية مبيتة لضباط كبار من الإخوان في الجيش في إشعال هذه الحرب.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة لدى وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي، خطابا ألقاه رئيس حزب المؤتمر الوطني (المحلول) إبراهيم محمود وسط حشد من أنصاره يوم، الإثنين، بالعاصمة المؤقتة بورتسودان يدعوا فيه لاستمرار القتال، لتعيد إلى الأزهان قصة بارون المخدرات والسياسي الكولمبي، بابلو إسكوبار، بعد تأسيس قادة الحزب المحلول لثلاث مليشيات رئيسية “الدفاع الشعبي والجنجويد وكتائب البراء” علاوة على الجرائم التي إرتكبوها.

عودة الحزب المحلول

وقال الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية “تقدم” بكري الجاك لـ«الغد السوداني» إن ظهور الإسلاميين في الساحة السياسية مؤشر خطير ويزيد من تعقيد الأوضاع السياسية وإطالة أمد الحرب، وتابع “حركة كوادر المؤتمر الوطني وميليشياتهم مؤخرا تشير إلى بداية الترتيب للعودة إلى الحكم حتى ولو في ولاية واحدة بعد أن قتلوا وشردوا الآلاف ودمروا البلاد”.

وقطع بأن عودة رئيس المؤتمر الوطني تأكد دور المؤتمر الوطني وميليشياته في إشعال واستمرار الحرب الدائرة.

وأضاف الجاك: الخطوة بداية تحول في طبيعة الحرب من حيث الاستهداف المباشر والصريح لكل الأعداء المتصورين من المدنيين فضلا عن كونها بداية تمكين جديد لبقايا نظام الإخوان وميليشياته وشركائه في سرقة ونهب موارد البلاد.

وتحولت وسائط التواصل الاجتماعي في السودان، مساء الأحد الماضي، إلى ساحة احتجاج حاشدة شارك فيها الآلاف بتغريدات ناقدة لمقطع فيديو يظهر فيه أحد عناصر تنظيم الإخوان الناشطين يطلق فيه تهديدات، متوعدا بقتل أي سوداني يطالب بالحكم المدني.

وتزامن نشر المقطع مع تقارير تتحدث عن تصفيات في منطقة الخرطوم بحري خلال الأيام الماضية، وحملات اعتقال مستمرة تطال عدد من الناشطين والرافضين للحرب، وسط جدل كبير حول أسباب الحرب المستمرة في السودان منذ نحو 18 شهرا، واتهامات متزايدة لتنظيم الإخوان بإشعالها انتقاما من القوى المدنية التي قادت الثورة.

نفوذ الإسلاميين داخل الجيش 

في السياق قال الصحفي والمحلل السياسي عمار سليمان لـ«الغد السوداني» إن الحركة الإسلامية تمارس نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا قويًا على الجيش والمؤسسات المرتبطة بالقوات المسلحة بسبب الولاءات المشتركة، وبذلك لا يمكن فصل أعمال الجيش عن التوجه السياسي للإخوان في السودان.

وأضاف سليمان: الحرب التي تدور رحاها في السودان حاليا ليست إلا محاولة لإزالة آثار الثورة، أراد مشعلوها تمكنهم من توجيه البندقية مباشرة إلى صدر الثورة ليتوقف نبضها، وما محاولات شيطنة القوى الثورية والمدنية والإصرار على أنها تدعم أحد الطرفين إلا محاولة لجر الثوار إلى ميدان المعركة أو توفير المبرر لاغتيال كل من يمت لها بصلة.

وتابع “خلال ١٨ شهرا منذ اندلاع الحرب وحتى يومنا هذا  لم تدع نيران الحريق بيتا إلا التهمت ما فيه مباشرة موتا ونهبا وتدميرا وتشريدا وجوعا وفاقة وعوزا وذلا وإفقارا”.

وإستطرد سليمان: عودة الفلول إلى السلطة كانت الهدف الأساسي من الحرب وذلك من خلال مقايضة السلطة بالأمن والاستقرار، وجر المواطن إلى حلبة الصراع المباشر مما كان قد ييسر مهمة القضاء على الثورة في ميدان المعركة، لكن عندما جرت رياح الحرب بما لا تشتهيه سفنهم اضطروا لكشف النقاب ليعلم كل ذي لب أن الجماعة هم من يتولى مهمة التجديف، ولا يستقيم حرب مليشيا بصناعة مليشيات موازية بتبديل جلد مليشيا الدفاع الشعبي بـ(كتيبة البراء)، الأمر الذي يؤكد أن المطلوب من الحرب هو فقط تمكين النظام المخلوع من العودة مجددا وإن لم يتمكن المواطنون من العودة إلى منازلهم.

كتيبة البراء بن مالك

ولدت كتيبة البراء بن مالك من رحم حركة الإخوان في السودان، وبدأت فعاليتها في تسعينيات القرن الماضي عندما كانت جزءًا من قوات الدفاع الشعبي، حيث خاضت حروب البشير ضد معارضيه والحركات المتمردة، مع الإشارة إلى أنها كانت تتبع سابقًا إلى جهاز الأمن الشعبي الذي تم حله وإلغاء قانونه لاحقًا، ليقتصر نشاط الكتيبة على العمل الاجتماعي، وظل التنظيم نشطًا بعد سقوط نظام البشير.

وبحسب المحامي والمحلل السياسي حاتم إلياس فإنه بعودة إبراهيم محمود إلى بورتسودان وإستقباله وظهور والي سنار السابق أحمد عباس مع كباشي في مخاطبته الجماهيرية وضح تماماً أن جيش الحركة الإسلامية وصل لنتيجة سياسية مهمة خضعت لمشاورات عديدة داخل التنظيم وهي أنه طالما تم تدويل قضية الحرب في السودان وأصبحت الأن شأن أممي، وبعد الإتفاق الأخير بين الإمارات والولايات المتحدة الامريكية والذي اعلنت فيه الأخيرة أن الإمارات هي بمثابة حليف إستراتيجي لها، قررت الحركة الإسلامية الإعلان عن نفسها للعالم بشكل صريح بأنها هي حقاً من تمثل الجيش والدولة السودانية، وتابع “الحركة الإسلامية بخطوتها الأخيرة تقول إن الجيش مِلك حُر لها  وعلى العالم أن يفاوضها  أو يحاربها على هذا الأساس”.

وتوقع إلياس تعيين حكومة الحركة الإسلامية في بورتسودان برئيس وزراء إنتقالي من الحركة الإسلامية نفسها  بجانب بعض الشخصيات من عناصر الحركات  المسلحة والكتلة الديمقراطية”.