
نساء يحصدن جائزة نوبل ويكتبن التاريخ
الغد السوداني -متابعات
في أكتوبر 2025، احتفت الأوساط العلمية بفوز العالمة ماري برانكو بجائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب، بعد أن قدّمت أبحاثًا رائدة حول جهاز المناعة. كشفت برانكو عن الدور المحوري للخلايا التائية التنظيمية والجين FOXP3 في ضبط الاستجابة المناعية، ما فتح آفاقًا جديدة لعلاج أمراض المناعة الذاتية كالسكري والتصلب المتعدد. هذا الإنجاز أعاد تسليط الضوء على مسيرة طويلة من النساء اللواتي سطرن أسماءهن في تاريخ نوبل رغم قلة عددهن.
في الطب أو الفسيولوجيا
قبل برانكو بسبعة عقود، كتبت غيرتي كوري عام 1947 أول سطر في رحلة النساء مع نوبل الطب باكتشافاتها في استقلاب السكر. تلتها روزالين يالو عام 1977 بابتكار تقنيات قياس الهرمونات، ثم باربرا مكلنتوك عام 1983 التي أحدثت ثورة في علم الوراثة باكتشاف الجينات القافزة.
في 1986 جاءت ريتا ليفي-مونتالشيني باكتشاف عوامل نمو الأعصاب، بينما أسهمت جيرترود إليون في تطوير أدوية غيرت مسار الطب الحديث. في القرن الحادي والعشرين، أنقذت تو يويو ملايين الأرواح بابتكار علاج الملاريا عام 2015، ثم غيرت كاتالين كاريكو مسار جائحة كورونا بابتكار لقاحات mRNA عام 2023. وأخيرًا، أعادت ماري برانكو عام 2025 تأكيد أن المرأة ما زالت في قلب أهم الاكتشافات الطبية.
في الفيزياء
سبقت النساء إلى نوبل الفيزياء مع ماري كوري عام 1903 التي فتحت الباب بأبحاثها في النشاط الإشعاعي، لتعود بعد ثمانية أعوام وتحصد نوبل الكيمياء. تبعتها ماريا غوبرت ماير عام 1963 بفضل نظريتها في بنية النواة، ثم دونا ستريكلاند عام 2018 عن تطوير تقنيات الليزر، وأخيرًا أندريا غيز عام 2020 التي أثبتت وجود ثقب أسود هائل في قلب مجرتنا.
في الكيمياء
بعد كوري، جاءت إيرين جوليو-كوري عام 1935 باكتشاف النشاط الإشعاعي الصناعي، ثم دوروثي هودجكن عام 1964 التي أحدثت ثورة في الكيمياء الحيوية عبر تحليل البنى الجزيئية. وفي السنوات الأخيرة، برزت فرانسيس أرنولد عام 2018 بتطوير الإنزيمات، وإيمانويل شاربنتييه وجينيفر دودنا عام 2020 بابتكار تقنية كريسبر للتحرير الجيني.
في الأدب
لم يكن الأدب بعيدًا عن المرأة، فقد كانت السويدية سيلما لاغرلوف أول امرأة تنال الجائزة عام 1909، تبعتها بيرل باك عام 1938 وغابرييلا ميسترال عام 1945. لاحقًا جاءت ناديـن غوردمير وتوني موريسون بأعمالهما عن الحرية والهوية. أما في العصر الحديث، فقد برزت سفيتلانا أليكسييفيتش عام 2015 بأدبها التوثيقي، وأولغا توكارتشوك عام 2018، ثم آني إرنو عام 2022 بكتاباتها السيرية الجريئة.
في السلام
أما جائزة السلام فشهدت حضورًا مميزًا للنساء. من الأم تيريزا عام 1979، إلى وانغاري ماثاي عام 2004، وإلين جونسون سيرليف وليما غبوي عام 2011. لكن المشهد الأبرز كان عام 2014 حين أصبحت ملالا يوسفزاي أصغر فائزة بنوبل على الإطلاق، بعد نجاتها من محاولة اغتيال بسبب دفاعها عن حق الفتيات في التعليم.
ومن ماري برانكو في 2025 إلى ماري كوري قبل أكثر من قرن، ومن سيلما لاغرلوف في الأدب إلى ملالا يوسفزاي في السلام، أثبتت النساء أن نوبل ليست مجرد جائزة، بل شهادة على صبر وإبداع وتحدٍّ صنع بصمات خالدة في تاريخ البشرية.