
أزمة في الدويم بعد تحويل مشروع سند إلى أم رمتة وسط غضب شعبي واسع
الغد السوداني _ متابعات
تشهد مدينة الدويم حالة من الغضب الشعبي المتصاعد عقب قرار تحويل حصة المدينة من مشروع “سند”، الذي ينفذه برنامج الغذاء العالمي، إلى محلية أم رمتة، وذلك إثر خلاف إداري بين المنظمة الدولية وإدارة محلية الدويم. المشروع الذي يستهدف نحو 5,632 مواطنًا من الفئات الأكثر هشاشة، وتبلغ قيمته التقديرية ثلاثة تريليونات جنيه سوداني، كان من المفترض أن يوفر مساعدات غذائية ونقدية لمدة عام ونصف. الخلاف نشب بعد أن اشترطت المنظمة تشكيل لجان مجتمعية مستقلة لحصر الأسر المستهدفة، بينما أصرت إدارة المحلية، ممثلة بالأستاذ بكري النور، على تنفيذ المشروع عبر لجان الخدمات بالأحياء. هذا التعارض دفع برنامج الغذاء العالمي إلى تحويل المنحة إلى أم رمتة، حيث استقبل أعيان المنطقة وفد المنظمة باحترام، وبدأت عمليات التسليم هناك.
أعرب مواطنو الدويم وفق جريدة اصداء سودانية عن استنكارهم الشديد لما وصفوه بتعنت الإدارة المحلية، مؤكدين أن القرار أدى إلى حرمان آلاف الأسر من الدعم في وقت تعاني فيه المدينة من أزمات متراكمة تشمل انقطاع الكهرباء والمياه، وانتشار الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك. ناشطون في مبادرة تطوير الدويم اعتبروا أن ما حدث يمثل تجاهلًا صارخًا لاحتياجات الفقراء والمتعففين، خاصة وأن المدينة لا تحظى بدعم مستمر مقارنة بمناطق أخرى في الولاية، ما يجعل فقدان هذه المنحة ضربة قاسية للشرائح الأكثر هشاشة.
مصدر مسؤول في جمعية الهلال الأحمر السوداني عبّر عن أسفه لضياع فرصة تنفيذ المشروع في الدويم، مشيرًا إلى أن إدارات محلية أخرى تعاونت مع برنامج الغذاء العالمي لتسهيل وصول المساعدات إلى مستحقيها. وأكد أن هدف المنظمة الأساسي هو ضمان الشفافية في توزيع الدعم، وأن ما حدث في الدويم يتعارض مع المعايير الدولية المعتمدة في تنفيذ مثل هذه البرامج الإنسانية.
أثار القرار أيضًا تساؤلات حول تغييب دور إدارة الرعاية الاجتماعية، الجهة المختصة في مثل هذه الملفات، والتي كانت قد نالت رضا المجتمع المحلي خلال الأشهر الماضية بفضل تعاملها الشفاف. مراقبون اعتبروا أن تهميش هذه الإدارة يعكس خللًا في آليات اتخاذ القرار داخل المحلية، ويضعف من فرص التنسيق المؤسسي في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة.
في سياق مشابه، أفادت مصادر محلية بأن منظمة “أدرا” كانت قد قدمت مشروعًا لتأهيل أحد أندية الشباب في الدويم، وتم ترشيح نادي النيل الذي انهارت داره منذ سنوات، إلى جانب ناديي المريخ والزهرة. إلا أن المشروع اصطدم برفض من المديرة الحالية للرعاية الاجتماعية، ما دفع المنظمة إلى سحب المشروع والعودة، لتخسر المدينة فرصة جديدة في دعم بنيتها الشبابية والاجتماعية.
تزامنًا مع هذه التطورات، فوجئ سكان الدويم بحملة جبايات واسعة نفذها موظفو المحلية، حيث طُرقَت أبواب المنازل للمطالبة بدفع العوائد، وأُغلقت محلات تجارية في السوق بسبب عدم تجديد الرخص، بما في ذلك محلات لم تُفتتح بعد. هذه الإجراءات أثارت استياءً واسعًا، خاصة في ظل غياب أي تحسينات ملموسة في الخدمات العامة، ما دفع المواطنين للتساؤل عن جدوى هذه السياسات المالية في ظل التدهور الإداري.
تعيين الدكتور صلاح محمد إبراهيم معتمدًا مكلفًا خلفًا لأبوعبيدة عجبين لم يلقَ ترحيبًا شعبيًا، إذ تشهد المدينة حاليًا تدهورًا بيئيًا حادًا وانتشارًا لنواقل الأمراض، وسط فشل الحملات المقررة لمكافحتها. المواطنون أشاروا إلى أن ما أنجزه المعتمد السابق من تنظيم للأسواق، فتح للشوارع، وتحسين للنظافة، بدأ يتلاشى، حيث عادت التعديات إلى السوق الكبير، وتراكمت النفايات الطبية، وعادت الفريشة للسيطرة على الشوارع، فيما تعاني المركبات من سوء الطرق، وتغرق الأحياء السكنية في مياه الأمطار بسبب ضعف التصريف.
يُعد انهيار كبري شارع المدارس مثالًا صارخًا على التردي الخدمي، حيث تسبب انهيار المعبر في إغلاق أحد أهم شوارع المدينة لفترة طويلة، رغم المناشدات المتكررة لصيانته. ورغم تنفيذ أعمال صيانة قبل أيام، انهار الكبري مجددًا، ما أثار سخرية المواطنين الذين طالبوا بجلب شركات أجنبية لتأهيله بدلًا من الاعتماد على فرق محلية غير مؤهلة.
في ظل هذا التراجع، تحرك أبناء المدينة عبر مجموعات خدمية لتنظيم حملات صحية وتعليمية، تشمل توفير الإفطار المجاني وصيانة المدارس، في إشارة إلى ضعف الثقة في الإدارة الحالية. كما يسعى البعض للتواصل مجددًا مع برنامج الغذاء العالمي والهلال الأحمر لإعادة منحة مشروع “سند”، انطلاقًا من قناعة بأن التنمية لا تتحقق إلا بمبادرات أهلية واعية.
أخيرًا، برزت معلومات تشير إلى تحركات من قبل مافيا الأراضي للتعدي على الساحات العامة والمتنفسات وفق جريدة اصداء سودانية، بما في ذلك ميدان المولد ومواقع حيوية أخرى داخل المدينة. ويطالب أبناء الدويم باسترداد هذه المساحات التي تم التغول عليها خلال السنوات الماضية، بما فيها المحلات المشيدة على مصرف المياه الرئيسي غرب المدرسة الريفية، ومواقع أخرى على ميدان نادي المريخ، وسط دعوات لفتح تحقيق شامل في ملف الأراضي.