الجزيرة.. الحميات تجتاح الولاية وسط عجز الخدمات الصحية

الغد السوداني _ ود مدني

تشهد ولاية الجزيرة بجميع محلياتها وضعاً صحياً بالغ التعقيد في ظل تفشي الوبائيات والحميات بالتزامن مع نقص حاد في الأدوية والمحاليل الوريدية، خاصة “دربات البندول” التي ارتفع سعرها أكثر من سبع مرات خلال أسابيع قليلة.

تحذيرات ودعوة للتدخل العاجل

ومايحدث بولاية الجزيرة ليس بمعزل عن بقية ولايات السودان التي يعاني جلها من انتشار الأمراض وانهيار النظام الصحي ،حيث حذرت غرف الطوارئ من اتساع رقعة حمى الضنك في البلاد، وسط تراجع حاد في الخدمات الصحية ونقص الكوادر والأدوية، وغياب وسائل الوقاية، وتطابقت هذه التحذيرات مع تصريحات منسوبة لوزير الصحة الاتحادية، هيثم محمد إبراهيم، أكد فيها انتشار المرض في 17 ولاية، مشيراً إلى أن بعض مناطق الخرطوم سجلت كثافة بعوض تجاوزت 60%، وهي نسبة تستدعي تدخلاً عاجلاً، موضحاً أن الاستجابة الكاملة تتطلب نحو 39 مليون دولار..

الولاية تخصص مستشفيات لتقديم الخدمات مجاناُ

يذكر ان ولاية الجزيرة كانت قد اعلنت مؤخرا عن تخصيص 8 مستشفيات بحواضر المحليات لتقديم علاجات وفحوصات حمي الضنك والملاريا مجاناً بدعم من حكومة الولاية .
وجدد الوالى تأكيده على إستمرار حكومة الولاية في خدمة المواطنين داعياً لتوحيد الجهود للقضاء على نواقل الأمراض وإصحاح البيئة ، فيما كشف الدكتور أسامة عبد الرحمن أحمد الفكي مدير عام وزارة الصحة الوزير المفوض عن خطة لإحتواء حمى الضنك والملاريا بالولاية.

حمى مجهولة بمنطقة ابو عشر وماحولها

الى ذلك وصفت أخصائية الباطنية والاوبئة _ وعضو اللجنه التمهيدية لنقابة أطباء السودان د. أديبة إبراهيم ، الوضع الصحي بالمتفاقم والكارثي مع الانتشار الواسع لحمى الضنك والملاريات بأنواعها.
و اوضحت أديبة بتصريحها  لـ”الغد السوداني” ، ان الوضع الصحي تفاقم بسبب كثرة البعوض والذباب مع انقطاع التيار الكهربائي ،والمياه  الملوثة وغير الصالحة للشرب ،بالاضافه إلى البرك والمياه الراكدة التي تغطي كافة الشوارع ، بجانب أن المجاعة وارتفاع الاسعار والظروف المادية القاهره أدى إلى ضعف المناعة والاصابة بالامراض .
و نوهت إبراهيم الى إرتفاع أعداد المصابين بحمى التايفويت والدسنتاريا الاميبية ،لافتةً إلى عدم توفر الأدوية والمحاليل الوريدية ونقص المعامل والجهاز الذي يستخدم في حمى الضنك.
وأضافت: “ظهرت حالات كثيرة من حمى الشكنقونيا ،اما الملاريا فقد عمت جميع الولايات بالسودان بأنواعها المختلفة ، و أدت إلى وفيات كثيرة.
وقطعت إبراهيم بأن الوضع الصحي خطير جداً، كاشفةً عن ظهور حمى مجهولة في ولاية الجزيرة بمنطقة ابو عشر والقرى التي تحيط بها، (مدينة أبو عشر في ولاية الجزيرة محلية الحصاحيصا ) على بعد ١٠٠ كليومتر تقريباً من العاصمة.
وأردفت: ” الحمى المجهولة تستمر مع الشخص لمدة يوم أو يومين و يفارق المريض الحياة، والوفيات يومياً بين (5 _ 6) حالات.
وبيّنت: “في البداية أعتقدوا انها ضنك لكن بعد الفحص تم نفيها ، ولم تعرف أسباب الحمى المجهولة وما ان كانت بسبب التلوث في الماء او الجو او البعوض”.
وتابعت أديبة: يجب التنويه إلى أنه بعد تحرير المنطقة كان بها أعداد كبيرة من الجثث و صدرت أوامر بمنع المواطنين من التخلص منها  بعد ٣ أسابيع حتى الإنتهاء من الدفن”.
وذكرت ان المنطقة تعاني من إنقطاع الكهرباء و تواجه مشاكل في المياه ، بحانب وجود “خراطيش” مقطوعة في كل الشوارع ،الأمر الذي يمكن أن يقود إلى تلوث المياه بسبب تحلل الجثث”.
وزادت: ” نتمني ان يصدر بيان من الجهات المسؤولة والرسمية عن ما يحدث”.
وناشدت أديبة وزارة الصحة والمحلات والولات والمنظمات الصحية منظمة الصحة الدوليه والصليب الاحمر وكل المنظمات التطوعية والدولية للوقوف على الوضع الصحي الكارثي.
كما ناشدت الامم المتحدة والمجتمع الدولي للمساعدة لوقف حرب السودان،التي اعتبرتها سبب كل هذا الدمار والمرض .

غرف للطوارئ بالتكينة شرق الولاية

وفي شرق ولاية الجزيرة، وتحديداً قرية التكينة بمحلية الكاملين، رصد تقرير صادر عن مجمع رؤى الطبي الحديث، تمدد حمى الضنك إلى القرى المجاورة، مع تسجيل حالات حرجة استدعت التنويم بالمستشفى ونقل الدم بسبب النزيف، ومن أبرز الأعراض التي وردت: ارتفاع الحرارة، صداع خلف العينين، آلام مفصلية وعضلية حادة تعرف بـ”حمى تكسير العظام”، إلى جانب الطفح الجلدي والنزيف في الحالات الشديدة.
وأعلن المجمع في التقرير عن إنشاء غرفة طوارئ متخصصة وتوفير وسائل التشخيص والمحاليـل الوريدية والأدوية الداعمة ونقل الدم للحالات الحرجة، فضلاً عن إرسال فرق طبية للتوعية الصحية. وأوصى التقرير بضرورة القضاء على أماكن توالد البعوض، وتكثيف حملات الرش واستخدام الناموسيات والمبيدات الطاردة، مع مراجعة أي حالة حمى فوراً لضمان التدخل المبكر.

تكدُّس غرف وعنابر مستشفى ودمدني التعليمي

عاصمة الولاية_ ود مدني عاصمة تختزل هي كذلك مشهد معاناة إنسانية قاسية، بفعل الحرب، حيث تعيش المدينة تفاقم خطير في انتشار حمى الضنك والملاريا،وتكدس المرضى.
وتستقبل مستشفى ود مدني التعليمي يوميًا ما بين 100 إلى 150 حالة دخول جديدة، وسط نقص للكوادر الطبية التي تركت العمل وهاجرت لولايات أخرى وبعضها خارج السودان.
يذكر أن وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة قامت بإغلاق جميع المدارس بالولاية، بسبب تفشي حمى الضنك وعجز السلطات وفشل حملتها في مكافحة الوبائيات.

وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الإصابة المؤكدة بحمى الضنك تتجاوز 80%، بينما تصل إصابات الملاريا إلى نحو 90% من الحالات التي تُجرى لها الفحوصات داخل المستشفى الرئيسي.
‎وحسب مصادر طبية فإن المعامل الخارجية في “شارع الدكاترة” تجري ما يقارب ألف فحص دم كامل يوميًا، لمرضى مصابون بحميات مختلفة، وقالت تقارير صحفية ان بعض المرضى يضطرون لاستئجار أسِرّة لوضعها بالممرات أو الفناء الخارجي لتلقي العلاج، بعد تكدُّس غرف وعنابر مستشفى
ودمدني التعليمي بالمدينة.
فيما يخص الأدوية والمعينات الطبية، أشارت التقارير إلى أن صيدلية المستشفى العام شبه فارغة، مع انعدام الأدوية المجانية وصعوبة الحصول على المحاليل الوريدية الأساسية مثل محاليل البندول، الذي أصبح العلاج الفعال
لحمى الضنك.


اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.