
تدهور الأوضاع الصحية ونقص الغذاء يفاقمان معاناة سكان الفاشر السودانية
تقرير – محمد الطاهر الطيب
تعيش مدينة الفاشر السودانية أوضاع إنسانية صعبة للغاية، ويعاني السكان العالقين في المدينة ظروف معقدة وعصيبة نتيجة الأزمة المستفحلة في الغذاء والدواء والوقود، فضلاً عن صعوبة التنقل داخل الأحياء بسبب أخطار القصف العشوائي.
جراء هذه الأوضاع تدهورت الأوضاع الصحية بصورة كبيرة عقب القصف المدفعي المستمر الذي طاول عدداً من المستشفيات، إذ يعاني المواطنون نقص الدواء والغذاء ويضطرون إلى تناول أعلاف الحيوانات كغذاء، فضلاً عن انعدام الأمصال الصحية وعلاج الأمراض المزمنة.
نقص مياه الشرب
يقول المواطن بشير الصافي لـ (الغد السوداني) إن “المدينة تعاني نقصاً حاداً في مياه الشرب، وينذر الوضع بحدوث العطش التام مع مرور الوقت، خلال وقت تنعدم فيه الحلول للأزمة الخانقة.
وأضاف “معظم آبار المياه التي يعتمد عليها سكان المدينة لتوفير حاجاتهم خرجت عن الخدمة وتوقفت، إما بسبب عدم التمكن من صيانتها، لأسباب أمنية، وإما لعدم وجود الكهرباء لتشغيلها، بعدما تعرضت أجهزة الطاقة الشمسية المولدة للكهرباء للسرقة أو التدمير.
وأوضح الصافي أن “الوضع الغذائي في الفاشر حرج جداً، حيث يعتمد سكان المدينة على وجبات شحيحة، إذ تبلغ كلفة الوجبة الواحدة 120 ألف جنيه (ما يعادل 35 دولاراً)، وهو مبلغ كبير لا يتوفر لدى معظم السكان.
أمراض وانعدام الرعاية الصحية
إلى ذلك، يقول الطبيب المتطوع بابكر عز الدين لـ (الغد السوداني) إن “مدينة الفاشر سجلت أول سبع حالات إصابة بالكوليرا، وسط تحذيرات من تفشي الوباء بصورة أوسع ليشمل الأحياء السكنية كافة.
وأشار إلى أن “المستشفى السعودي استقبل سبع إصابات مؤكدة بوباء الكوليرا، جرى احتجازها بأحد مراكز العزل من دون تسجيل وفيات حتى الآن.
ولفت إلى أن “جميع سكان الفاشر باتوا معرضين لخطر الإصابة بالكوليرا والإسهالات، في ظل هشاشة المنظومة الصحية.
وحذر عز الدين من مغبة توسع دائرة انتشار الوباء في المدينة بسبب حدة الصراع العسكري القائم الذي أثر في إمدادات المياه والكهرباء، كما أدى إلى خروج 95 في المئة من المستشفيات والمرافق الصحية من الخدمة، فيما تعمل البقية بصورة جزئية وأصبحت عاجزة عن تقديم الخدمات.
نزوح الآلاف
على الصعيد نفسه، أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة باستمرار فرار آلاف الأشخاص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر.
وذكرت المنظمة، في بيان، أنه “في الفترة بين الـ17 والـ19 من سبتمبر الجاري، نزح نحو 7500 فرد من معسكر أبو شوك للنازحين ومدينة الفاشر، بسبب تزايد حدة انعدام الأمن.
ونوه البيان إلى أن الأفراد الفارين نزحوا إلى مواقع أخرى داخل محلية الفاشر، فيما لا يزال الوضع متوتراً للغاية وسريع التغير.
سرقة الدم والأعضاء
وفي تطور مثير اتهمت غرفة طوارئ معسكر زمزم للنازحين شمال الفاشر، “الدعم السريع” بالتورط في سحب الدم بالقوة من بعض المدنيين الفارين من المدينة مستعينة بكوادر طبية أجنبية، غير مستبعدة قيامها أيضاً بعمليات استئصال أعضاء منهم، وفق شهادات وحالات من نساء وشباب أفادو بتعرضهم لسرقة الأعضاء وعمليات سحب الدم داخل مراكز مخصصة في معسكري زمزم وأبو زريقة ومنطقة كيلو 8 شرق الفاشر أثناء محاولتهم مغادرة المدينة نحو منطقة طويلة.
وتعاني مدينة الفاشر أوضاعاً إنسانية شديدة القسوة تتفاقم يوماً بعد يوم، في ظل استمرار المواجهات والحصار الخانق الذي تفرضه عليها قوات “الدعم السريع” منذ ما يقارب العامين، مما تسبب في تفشي الجوع والأوبئة، نتيجة التوقف شبه التام للخدمات الصحية والنقص الحاد في الأدوية، كما أفرغ المدينة من أكثر من نصف سكانها الذين فروا إلى مناطق طويلة وجبل مرة هرباً من القصف والمواجهات المستمرة والتدهور المتفاقم للأوضاع الإنسانية.