الأمراض الوبائية تفتك بسكان معسكرات النزوح في دارفور

تقرير – محمد الطاهر الطيب

يعيش سكان معسكرات النزوح في ولايات دارفور الذين فروا من جحيم القتال، ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، أوضاعاً إنسانية صعبة، ليس أقلها عدم توفر الغذاء الكافي ومياه الشرب والرعاية الصحية، إذ يقاسون معاناتهم منفردين بصمت في فصل الخريف وأهواله وسط ظروف قاسية.

وجراء هذه الأوضاع يخيم شبح المجاعة على مخيمات النازحين بسبب نفاد السلع الغذائية وارتفاع أسعار المتوافرة منها في المحال التجارية إلى أرقام جنونية، في وقت يتسارع فيه تفشي وباء الكوليرا في معظم المعسكرات، أبرزها طويلة التي تؤوي أكثر من مليون نازح، ويتوزع نحو 900 ألف آخرين على مخيمات كلمة وعطاش والسلام.

تفاقم الأوضاع

في السياق قال المواطن السوداني عز الدين عمر الذي يقيم في معسكر منطقة طويلة إن “النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية نتيجة تدهور الأحوال المعيشية بصورة تضعهم في مواجهة الموت البطيء، بخاصة كبار السن والعجزة إلى جانب الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء.

وأضاف أن “انعدام الرعاية الصحية أسهم في انتشار الأمراض والأوبئة، خصوصاً الكوليرا التي تنتشر بصورة متسارعة في منطقة طويلة المكتظة بالنازحين الذين يفوق عددهم مليون شخص، إذ تتزايد أعداد المصابين بصورة مخيفة ومقلقة كل يوم.

وتابع عمر “في تقديري أن السبب الأساس في الإصابة بوباء الكوليرا هو تلوث المياه وانعدام الصرف الصحي، في وقت تفشل فيه الكوادر الطبية في السيطرة على الوباء بسبب توقف المراكز الصحية وانعدام الأدوية والمحاليل الوريدية.

أمراض وجوع

واعتبر هارون بشير أحد الموجودين في مخيم عطاش أن “كثيرين من النازحين غير قادرين على توفير الحد الأدنى من الغذاء، والوضع في المنطقة فاق حدود الاحتمال، وللأسف كل يوم يمر علينا نصبح أكثر إحباطاً لسوء أحوالنا المعيشية، فكل ما نملكه قمنا بصرفه، وبات شبح الجوع يحاصرنا، وكذلك وباء الكوليرا الذي يحصد الأرواح بصورة يومية، ونحن لا نستطيع تقديم أي خدمة للمصابين، وهو أمر يدعو إلى الحسرة والألم.

وأشار إلى أن “الواقع في معسكرات إقليم دارفور أصبح مقلقاً ويبث الرعب والذعر وسط النازحين، خصوصاً في ظل تزايد أعداد حالات الوفاة بالجوع والمرض، وكثر منهم يشعرون بالعجز لعدم قدرتهم على توفير الطعام للأطفال وكبار السن.

ونوه بشير بأن “الوضع الصحي في مخيمات النزوح كارثي ومأسوي، إذ توقفت غالبية المراكز الصحية عن العمل، إضافة إلى النقص في المعينات الطبية والأدوية، وكذلك لا تتوافر وسيلة لإنقاذ حياة المرضى بسبب انعدام الوقود ووسائل النقل.

انهيار كامل

وسط هذه الأجواء حذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين من أن الوضع الإنساني في دارفور بلغ مرحلة الانهيار الكامل، وأن أي يوم يمر يزهق فيه مزيد من الأرواح.

وكشف المتحدث الرسمي باسم المنسقية آدم رجال عن أن معدل التفشي اليومي لوباء الكوليرا في منطقة طويلة، وحدها، يراوح ما بين 100 إلى 200 حالة، إذ وصل العدد التراكمي من الإصابات إلى 2145 حالة مع 40 حالة وفاة، و207 حالات في مراكز العزل، بينما سجلت منطقة قولو في جبل مرة 23 إصابة وسبع وفيات.

وطالب بيان للمنسقية الأطراف المتحاربة بالوقف الفوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية فورية، مناشداً المجتمع الدولي إسقاطاً جوياً عاجلاً للمساعدات قبل أن تتحول المجاعة إلى إبادة جماعية صامتة.

انعدام الرعاية الصحية

من جهته، أشار الطبيب المتطوع في معسكر السلام إيهاب حسين إلى أن “معسكرات النزوح تتفشى في أوساطها أمراض الكوليرا وسوء التغذية التي تؤدي إلى فقدان المناعة، كذلك فإن توقف عمل المنظمات العاملة ومغادرتها أسهم في غياب الدعم وعدم وجود مساعدات إنسانية، وبدأ الجوع يفتك بالأطفال وكبار السن بصورة مرعبة، ما يدعو إلى الأسى والحزن، ومرضى الكوليرا يموتون بأعداد متزايدة في ظل غياب تام للرعاية الصحية وعدم توافر الأدوية والمحاليل الوريدية.

ولفت إلى أن “تلوث المياه وانعدام الصرف الصحي تسببا في تفشي وباء الكوليرا في معظم معسكرات النازحين، ونتيجة لانعدام الأدوية حدثت مئات حالات الوفيات خلال فترة وجيزة، مما أثار المخاوف وسط سكان المخيمات.

ودعا المتطوع طرفي الحرب “إلى التعاطي مع حقيقة أن عشرات الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن يواجهون خطر الموت بالجوع والمرض، ما لم تتم إجراءات عاجلة لتدارك هذا الوضع غير الأخلاقي، لإنقاذ النازحين في معسكرات إقليم دارفور.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.