القيادي بنظارات البجا عبد الله اوبشار يكتب.. :عدالة غائبة واستبداد متجدد”
ما زال الأمل غائبًا، والوعي مُغيَّبًا، كأنما لم تُكتب الدروس بدماء الشهداء ونيران الحروب.
منذ لحظة التأسيس الأولى، اندلعت ثورات الهامش والأقاليم في مواجهة النخب المركزية التي صادرت حق الوطن، ودفعت الأطراف إلى حمل السلاح طلبًا للكرامة والعدالة. وفي قلب تلك اللحظة برز بليه عقلًا مُلهِمًا للمشروع الفدرالي.ووقف جون قرنق قائدًا لمسيرة التحرر، لتولد من رحم التضحيات اتفاقية نيفاشا، معلنة الفيدرالية كإطارٍ للحكم وتقاسم عادل للسلطة والثروة. غير أن الأجهزة الأمنية سرعان ما التفّت عليها عبر تعديلات بدرية سليمان، فكان ذلك انقلابًا صريحًا على جوهر العدالة وروح الشراكة الوطنية.
واليوم، تُحجَب العدالة الانتقالية عمدًا، فيما تعيد السلطة إنتاج المركزية بثوبٍ أشد قبحًا، مستترة خلف مسميات خاوية لا تنطوي على أمل ولا تُنجب إصلاحًا. إنها حلقة جهنمية تدور بالبلاد نحو ذات المصير الذي أحرق سوبا والخرطوم فوق رؤوس صُنّاع الطغيان. وهكذا يتأكد أن الاستبداد لم يتراجع، وإنما غيّر ملامحه، وأن التاريخ، مهما كُتب بالدم والنار، ما زال يُقرأ بعيونٍ عمياء لا تُبصر.