السودان والامارات .. “حظر الطيران وتعليق العمليات البحرية” … من المستفيد ؟؟

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

رجح مختصون تاثر السودان اقتصاديا من الاجراءات التى اتخذتها حكومة دولة الامارات العربية المتحدة بوقف رحلات الطيران السودانية وتعليق كافة العمليات البحرية المتعلقة بميناء بورتسودان،وقالوا ان الاجراءات الاماراتية تمثل تهديدا مباشرا لمصالح الاف العمال والقطاعات المرتبطة بالاستثمار الإماراتي، كما أنها تضع السودان في خانة الدول عالية المخاطر أمام أي استثمار أجنبي محتمل،مما سيؤدي إلى مزيد من التدهور في سعر العملة الوطنية وتفاقم التضخم وانهيار منظومة الصادرات والواردات في ظل غياب بدائل واقعية أو رؤية اقتصادية واضحة.

واصدرت السلطات الإماراتية قراراً مفاجئاً “الاربعاء” بحظر جميع الرحلات الجوية من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى السودان والعكس وأُبلغت شركات الطيران السودانية بالقرار عبر مكالمات هاتفية وردت في ساعات الفجر الأولى. والحقت الامارات قراراها الاول باخر صادر من وزارة الطاقة والبنية التحتية الاماراتية  يقضي بتعليق كافة العمليات البحرية المتعلقة بميناء بورتسودان،وشمل القرار منع السفن الإماراتية من الإبحار نحو الميناء،وحظر نقل أو مناولة أي بضائع متجهة إليه أو قادمة منه،بما في ذلك عمليات النقل العابر.

وألزمت السلطات كافة الجهات المعنية في موانئ أبوظبي بتنفيذ القرار فوراً، مع ضرورة التنسيق مع مكتب رئيس الميناء والإبلاغ عن أي صعوبات في التنفيذ.

وتسبب قرار حظر الطيران في حالة ارتباك بمطار بورتسودان، لأنه صدر بعد أن أنهى مسافرون على متن طائرة لشركة تاركو إجراءات الخروج.كما اعادت السلطات الإماراتية عددًا من الركاب القادمين من السودان على متن رحلات مباشرة. واتخذت شركة تاركو للطيران السودانية قرارًا بإغلاق خيارات الحجز إلى مطاري دبي والشارقة عبر نظامها الإلكتروني.

ويقول مراقبون أن الخطوة ستسهم فى تفاقم الازمات الداخلية خاصة وان الامارات تملك استثمارات ضخمة فى السودان كما ساهمت الإمارات في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارات طويلة الأمد سواء في البنوك أوشركات الاتصالات والأدوية والسيارات وعمليات التنقيب عن الذهب والنقل الجوي والخدمات اللوجستية، إضافة إلى العقارات وتوظيف الآلاف من السودانيين.

الخبير الاقتصادى ابراهيم اسماعيل إن الإمارات تعتبر أحد أهم الدول التي كانت تدعم السودان منذ سبعينات القرن الماضي و لها استثمارات كبيرة داخل السودان، و تعتبر الوجهة الثانية بعد المملكة السعودية التي يقصدها السوداني مغتربا لأجل العمل وبها حوالي 300 ألف سوداني و 50 ألف طالب سوداني داخل مدارس وجامعات الإمارات وهو عدد كبير بالفعل و مؤثر في سوق العمل الإماراتي.

وأشار إلى أنه لا يوجد رجل أعمال سوداني إلا وله مصالح داخل الجهاز المصرفي الإماراتي،حيث أن تحويلات النقد الأجنبي لعمليات صادرات السودان مرتبطة بالدرهم الإماراتي أكثر من الدولار الأمريكي للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي ظلت تحاصر النظام المصرفي السوداني منذ العام 1997، هذا بخلاف أن هناك مليون ونصف سوداني يعتمدون على تحويلات أبنائهم الذين يعملون بالإمارات.

وقال ان الإمارات تعد من أكبر المستثمرين في السودان وكانت تمثل شرياناً رئيسياً لدعم السودان في قطاعات حيوية كالموانئ والبنية التحتية والزراعة، وهو ما يجعل القرار محفوفا بتبعات اقتصادية خطيرة قد تعجل بانهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة.

ولازالت الحكومة تصدر الذهب الى الامارات بعد ان فشلت فى ايجاد اسواق بديلة لصادره  الذى تعتمد عليه ويساهم  بنحو (٥٠%) من قيمة الصادرات السودانية بما يعادل نحو (٢.٣) مليار دولار، ويتم تصدير الذهب بنظام الدفع المقدم، أي يودع المصدر القيمة الدولارية لصادر الذهب قبل الشحن للخارج.

في “مارس الماضي” اوقفت الحكومة السودانية صادر الذهب الى الامارات، وقال وزير المالية جبريل ابراهيم ماضون فى الترتيب لاسواق بديلة من بينها قطر وتركيا ومصر والسعودية، ولم توضح الحكومة بعد مضى اكثر من ثلاثة شهور على قرارها الاسواق البديلة لصادر الذهب خاصة وان 80 % من انتاج المعدن الاصفر هو للقطاع الخاص.

وتعول الحكومة على التنقيب عن الذهب من أجل سد الفجوة في الإيرادات الناتجة من فقدانها حوالي 70% من عائدات النفط بعد انفصال دولة الجنوب فى العام 2011م ووفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، فإن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42 % جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نحو عامين.

وفي المقابل كشفت “شعبة الصاغة وتجار ومصدري الذهب” في السودان عن عدم وجود قرار رسمي بوقف تصدير المعدن النفيس إلى أبوظبي، باستثناء قرار قطع العلاقات الحكومية بين البلدين، بسبب اتهام لها بتمويل ميليشيات “الدعم السريع” في الحرب ضد الجيش السوداني، وأوضح رئيس الشعبة، عاطف أحمد، أن دبي تعتبر السوق الرئيسة لتصدير ذهب السودان بفضل إجراءاتها المبسطة وتحويل الأموال المباشر عبر “مجلس الذهب العالمي”، مشيراً إلى أن بعض المصدرين يواجهون صعوبات في تسلّم مستحقاتهم من دول أخرى، بخاصة أن السودان في أمس الحاجة إلى العملة الصعبة وسط الأزمة الحالية

كما أن تجار الذهب في السودان يفضلون بيع الذهب إلى دولة الإمارات لسهولة التمويل،كما لازالت صفقات بيع وشراء الذهب السوداني للامارات تشهد حراكا نشطا من قبل الشركات والقطاع الخاص، بعلم الحكومة، حيث تزايدات معدلات الصادر الى الامارات، لوجود مرافق التصفية والمعايرة المعتمدة دوليا في تلك الدولة، اضافة الى وجود حسابات للمصدرين السودانيين بالبنوك الإماراتية ذات الملاءة المالية القوية وغير الخاضعة لأي نوع من أنواع الحظر.

وذكرت تقارير سابقة للشركة السودانية للموارد المعدنية ان بورصة دبي استوردت 1.8 طن من ذهب السودان من جملة 2 طن جرى تصديرها خلال سنوات الحرب.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.