دورة
اعلان ماس فيتالس

المالية والمعادن على خطّ النار.. ما الذي يؤخر تشكيل حكومة بورتسودان؟

كتب : محمد مصطفى عبد الله

منذ تعيين كامل إدريس الطيب 19 مايو رئيسا للوزراء في بورتسودان، تترقب الأنظار حكومته التي قال إنها ستكون غير حزبية، تتكون من 22 عضوا.

وفي وقت متأخر من يوم الخميس 3 يوليو، أصدر كامل إدريس قرارات بتعيين ثلاثة وزراء جدد، هم المعز عمر بخيت وزيراً للصحة، وعصمت قرشي وزيراً للزراعة والري، وأحمد مضوي وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي.

جاء ذلك بعدما اعتمد في وقت سابق تعيين وزيري الدفاع والداخلية، بناءً على ترشيحات من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وفقاً لنصوص الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2025، ليصل عدد الوزراء المعينين حتى الآن إلى خمسة من أصل 22.

هذه التعيينات، جاءت مع ذروة الخلافات داخل معسكر بوتسودان، خاصة بعد رفض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا، لرؤية كامل إدريس، حول تشكيل الحكومة.

وتتركز الخلافات بشكل أساسي حول وزارتي المالية والمعادن، وسط تجاهل تام، للأزمة الحقيقية في السودان، والمتمثلة في استمرار القتال والتفكك الأمني.

تمرّد مناوي وجبريل

اتفاقية جوبا تنص على منح الحركات المسلحة 25 في المائة من هياكل السلطة، ومع توجه كامل إدريس إلى تشكيل حكومة “تكنوقراط”، رفضت حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان، بقيادة جبريل إبراهيم، ومني أركو مناوي الفكرة، مشددتان، على ضرورة التزام ببنود الاتفاقية.

وتطالب الحركتان، بالمحافظة على الحقائب التي ظلت تشغلها منذ التوقيع على الاتفاق في 2020. ويبلغ مجملها 5 وزارات أبرزها، المالية والتخطيط الاقتصادي والمعادن.

ولكن البرهان حاول إقناع جبريل، بأن تكتفي العدل والمساواة، بوزارة المالية في الحكومة المرتقبة فقط، لكن جبريل رفض ذلك، وأكد أنه لن يتنازل عن حقيبة الرعاية الاجتماعية إلى جانب المالية.

وأشارت تقارير إلى أن مناوي يتجه إلى قبول الفكرة، مما قد يضعف من تمرد الحركتين، أمام مساعي معسكر مجلس السيادة، لإبعاد الحركات المسلحة من الحكومة وفق سياسة “فرق تسد”.

استغلال الموقف

وتشير تقارير سودانية ، إلى أن مناوي أبدى مرونة أكبر في التعامل مع البرهان مما أثار شكوكا حول تحالف بينه وبين البرهان يستهدف جبريل على حساب وحدة الحركات المسلحة.

ويسعى مناوي من خلال التحالف مع الجيش، إلى المحافظة على نفوذ أكبر في المرحلة المقبلة خاصة في ظل ضعف الموقف المدني، مما يرجح فرضية المؤامرة ضد جبريل.

ويرى مراقبون، أن الإطاحة بجبريل أو تسليم وزارة مؤثرة لمني أركو مناوي يمكن أن يفتح الباب أمام انشقاقات خطيرة تهدد وحدة الحركات المسلحة.

ويستغل البرهان بحسب مراقبين، التنافس التاريخي بين جبريل ومناوي لإضعاف قوتهما المشتركة مما يسمح للجيش باستعادة الهيمنة السياسية، وإعادة رسم خارطة النفوذ داخل الحكومة المرتقبة، بمساعدة الاستخبارات العسكرية.

وبهذا الخصوص، يقول الباحث في شؤون السودان، أحمد حسين، في تقرير لمركز “كرايسيس غروب”، إن “البرهان يحول اتفاق جوبا من إطار للسلام إلى أداة لإعادة توزيع السلطة لصالح الجيش والكتائب الإسلامية”.

انفجار جديد

ومع محاولات البرهان لاحتواء التوتر، اندلعت خلافات حادة بين مناوي والفريق شمس الدين الكباشي نائب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بعد توجه الكباشي إلى إعادة تعيين أردول مديرا للشركة السودانية للموارد المعدنية.

وقالت تقارير سودانية، إن الكباشي قد وضع خيارين أمام “اردول”، بين عودته للشركة السودانية، أو وزيراً للمعادن، الذي لمع فيها اسم نور الدائم طه، بديلاً لمحمد بشير أبو نمو.

وأشارت ذات المصادر، إلى أن قيادات قبيلة نافذة بالبجا قد لوحت بالتصعيد،في حال إبعاد مدير الشركة الحالي محمد طاهر عمر، المحسوب علي قبائل البجا، وبحسب المصدر فإن زيارة مناوي الأخيرة إلى الزعيم القبلي شيبة ضرار تأتي في ذات السياق، بهدف تشكيل آلية ضغط ضد محاولة إعادة تعيين “أردول” مجددا بالشركة السودانية.

وعلى مستوى الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، تصاعدت وتيرة الخلافات بينها بعد الحديث عن موافقة الجيش والإسلاميين على التخلي عن وزارتي المعادن والمالية لصالح هذه الحركات تفادياً للصراع الذي كاد أن يعصف بتحالف بورتسودان.

وقالت صحيفة إدراك السودانية، إن ” مجموعة حركات “عقار وعبدالله يحي ورصاص” رفضت تمسك حركتي جبريل ومناوي بالمالية والمعادن والضمان الاجتماعي، وطالبت بإعادة توزيع حصة السلطة بالتناوب، وأكدت المجموعة أن الاتفاقية لم تحدد لأي حركة وزارة بعينها.

وقالت إن إصرار حركتي “جبريل ومناوي” يمثل نقض للاتفاق، ورفضها التنازل عن وزارتي المالية والمعادن والضمان الاجتماعي، ما قد يساهم في تفجر الصراع و تفاقمها بشكل غير مسبوق ، مع اتهامات طالت حركات عقار ورصاص وعبدالله يحي بالعمل لصالح تيارات داخل الجيش والاستخبارات العسكرية، التي ترفض تمسك الحركات بوزارتي المالية والمعادن.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن حركتي “جبريل ومناوي” تقللان من حجم حلفائهم ووزنهم السياسي والعسكري في الميدان، وتنظران لهم كمجموعة أفراد وتشكيلات عسكرية صغيرة ، منشقة عن تنظيماتها الرئيسية وتبحث عن تشكيلات ووجود واعتراف بها، فقط مثلها وحركة مصطفي طمبور ، وهو ما وفرته لهم حركتي مناوي وجبريل وأورثتهم حصص حركاتهم المنشقين عنها، مقابل عدم المطالبة بأي إعادة توزيع للسلطة وخلق معترك جديد إنابة عن الإسلاميين ودوائرهم والاستخبارات العسكرية.

وأشارت الصحيفة، إلى أن ذلك تم رفضه بشدة من قبل مجموعة عبدالله يحي ، بعد حصولهم علي ضمانات من الاستخبارات العسكرية وبعض دوائر الإسلاميين.

وقالت السودان نيوز، إن البلاد تمر “بالعديد من التحديات السياسية التي تتطلب التصدي العاجل والفعال. من بين هذه التحديات اتفاق جوبا الذي مرّ بوقت عصيب، رغم موافقة جميع الأطراف عليه.

وأوضحت في تقرير، أنه “من أبرز التحديات التي تواجه السودان حالياً هي كيفية اقتسام السلطة في بورتسودان . الخلافات التي ظهرت مؤخرًا تركزت على هذه النقطة، حيث يتعين على الأطراف المعنية إيجاد حلول ملائمة ترضي جميع الجهات.”

وتابعت في تقرير: “تحدث رئيس مجلس الوزراء عن ضرورة الابتعاد عن المحاصصة، لكنه في الوقت نفسه، ملزم بالتمسك بتنفيذ اتفاق جوبا. هذا يشير إلى أن هناك تداخلًا بين الأهداف والسياسات، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا للتطورات الحالية حتى لا تُفشل الجهود البناءة.”

وذكرت أنه ” وسط الحرب المستعرة، يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة، مما يتطلب من الأحزاب السياسية التوقف عن النزاعات حول تقاسم السلطة والتركيز بدلاً من ذلك على الوضع المتردي للمواطن السوداني. يجب أن تكون هناك رؤية واضحة للتخفيف من المعاناة وتقديم المساعدات الضرورية وتوفير الأمن الغذائي للمحتاجين.”

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.