اعلان ماس فيتالس

عودة الروح إلى المدارس.. صمودٌ تربوي أم قرارٌ مرتجل؟

 

 

النيل الأبيض: مبارك على

بعد انقطاع العملية التعليمية الذي استمر اكثر من عامان بسبب اندلاع الحرب بين القوات المسحلة وقوات الدعم السريع في منتصف ابريل 2023م، إستانفت وزارة والتربية والتوجية بولاية النيل الابيض العملية التعليمية بالولاية، حيث جلس تلاميذ الصف السادس الابتدائي الى الامتحانات النهائية في اواخر شهر مايو المنصرم في ظروف بالغة التعقيد.

واعقبتها في منتصف يونيو الجاري امتحانات المرحلة المتوسطة في ظروف لا تقل تعقيدا من امتحانات المرحلة الابتدائية، وانطلقت الاحد الماضي امتحانات الشهادة الثانوية السودانية.

بالرغم من التحديات الكبيرة التي فرضتها الحرب في السودان تمكن طلاب مرحلتي ( الابتدائية- المتوسطة) بالنيل الابيض من الجلوس لامتحانات العبور وسط ظروف اقل ما يمكن وصفها بالاستثنائية.

الامر الذي القى بظلاله على الفترة الزمنية للدراسة التي لم تتجاوز الثلاثة اشهر.

جميع المدارس الحكومية لم تكمل المقررات الدراسية، وبالمقابل اكملت المدارس الخاصة المقررات، الا ان حالة من الارتباك اصابت جميع التلاميذ عند الجلوس للامتحانات.

وجلس لامتحانات الشهادة الابتدائية لهذا العام ما يزيد عن (36) الف تلميذ وتلميذة، تم توزيعهم على (244) مركز بجمبع محليات الولاية بحسب وزارة التربية الولائية. اما عدد الجالسين لامتحانات الشهادة المتوسطة بولاية النيل الابيض بلغ اكثر من (24) الف طالب وطالبة موزعين على 168 مركز بجميع محليات الولاية.

وقالت الوزارة، “اكتملت التجهيزات لما بعد الامتحانات في كافة مراحلها ابتداءا من “تصحيح اوراق الامتحانات – انتهاءا باعلان النتيجة ”

اسر مثقلة بالهموم :

واجهت الاسر تحديات مضاعفة فهي تعنى في المقام الاول بتامين اساسيات الحياة وفي الوقت نفسه تسعى لتهئية ابنائها نفسيا ومعنويا لاجتياز هذه المراحل، واكد اولياء الامور لـ(الغد السوداني) أن ابنائهم يذاكرون في ظروف صعبة داخل مراكز ايواء او منازل مكتظة ومع ذلك فانهم واصلوا الاجتهاد املا في تحقيق النجاح.

لم تخفى اسرة الطالبة اسراء عوض الله قلقها عندما جلست ابنتهم الى الامتحانات ، لا سيما وان العام الدراسي كانت فترته قصيرة من اجل تجهيز ابنتهم بالصورة الجيدة، وقالت والدة الطالبة، امل محمد لـ(الغد السوداني) أن ابنتها التحقت بالمدرسة فور الاعلان عن استئناف الدراسة بمدرستها، الا ان البيئة الدراسية لم تكن مهيأ للدراسة، لان المدرسة التي تدرس بها كانت مركز لايواء للنازحين.

وزادت: على الرغم من رداءة البيئة المدرسية، وتعثر الاستقرار في الشهر الاول من الدراسة، المتمثل في نقص الاجلاس، بجانب النقص في عدد المعلمين.

مشيرة الى ان ابنتها جلست الى الامتحانات دون الانتهاء من دراسة المقرر، وان النتيجة في الاخر ستكون غير مرضية لكافة الاسر للتحديات التي واجهت التعليم.

وقارنت امل ما بين التحصيل الدراسي بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة، وأن الاخيرة تعد الافضل من حيث اكمال المقررات الدراسية فضلا على تهيأة البيئة الدرسية، والفارق بينهما شاسع.

عودة الروح للمدارس:

وتحسرت على اوضاعها الاقتصادية الحرجة التي لم تسمح لها بان تلحق ابنتهاء اسراء بالدراسة في التعليم الخاص، لان المبلغ في التعليم الخاص في الولاية رسومه الدراسية لا تقل عن اربعمائة الف جنية للتلميذ الواحد، بجانب التكاليف الاخرى كالترحيل وافطار الطالب وغيرها من الرسوم التي تفرضها المدارس الخاصة على الطلاب. وقالت ليس بمقدور كل الاسر ان تلحق ابناءها بالمدارس الخاصة.

وقالت امل لـ(الغد السوداني)، نحن كـ “اسر مع قيام التعليم حتى تعود للمدارس ضجيجها وان يعود الطلاب الي اجواء الدراسة بعد الغياب القصرى الذي فرضتة الحرب على الجميع”، فالامتحانات الحالية بمثابة اعلان عودة الروح للمدارس.

تفاقم الفاقد التربوي:

فيما هاجمت لجنة المعلمين السودانيين وزارة التربية والتعليم على تحويل امتحان الصف السادس الى شهادة مرحلية، وقالت ان تحويل الصف يعمل على تُفاقم الفاقد التربوي ويجافي الفلسفة التعليمية، وقالت اللجنة في بيانها، من المفترض أن يكون الصف السادس نهاية مرحلة دراسية داخلية، تقوم فيها المدرسة بالتقويم، لكن وزارة التربية اختارت تحويله إلى امتحان مركزي يُجرى على مستوى الولاية، بل وتُصدر نماذجه إلى المراكز الخارجية، ما يُخالف تمامًا فلسفة المرحلة المتوسطة التي بُنيت على مبدأ الانتقال التلقائي للحد من التسرب المدرسي.

وتابعت قولها، هذا القرار لا يستند على أي مبرر تربوي، بل يعكس توجّهًا نحو تحويل الامتحانات إلى مصدر جباية على حساب الأطفال، وحقهم في التعليم، ولا تزال الوزارة، في ظل غياب الشفافية، تكرّس لسياسات تقويمية عقيمة أرهقت التعليم لعقود، وتُعيد إنتاج النظام السابق بأساليب أقل عدلاً وأكثر استنزافًا. واشارت اليى إن ما يجري لا يعدو كونه محاولة لإعادة إنتاج لبازار الامتحانات، يُكرّس فيه الامتياز لمن يملك، والإقصاء لمن يعجز عن الدفع.

تفاقم الفاقد التربوي:

وفي ذات السياق، وصف الخبير التربوي د. حامد عباس العملية التعليمية الحالية بأنها “كطفل يحاول الوقوف، لكنه لا يستطيع النهوض رغم تكرار المحاولة”. وقال في حديثه لـ(الغد السوداني):

“قرار وزارة التربية والتعليم بفتح المدارس وإجراء الامتحانات قرار ارتجالي، فبيئة التعليم لم تستوفِ الحد الأدنى من المقومات التي تؤهل لاستئناف الدراسة، والتعليم لا ينبغي أن يُدار بهذا الشكل.”

وأضاف: في ظل الدمار الذي خلّفته الحرب، كان من الأولى أن تُعلن الوزارة مجانية التعليم والامتحانات، لأن جميع الأسر تضررت بلا استثناء.”

وأشار إلى أن ميزان العدالة التعليمية حاليًا مختل، حيث لم تُكمل كثير من المدارس مقرراتها قبل الامتحانات، كما أن الطلاب والمعلمين كانوا بعيدين تمامًا عن أجواء التحصيل الدراسي.

كما انتقد عدم استعانة الوزارة بخبراء التربية لوضع خطة لعودة الدراسة بشكل تدريجي، مما أدى إلى ما وصفه بـ”صورة مشوهة للاختبارات، تفتقر إلى العدالة والاتزان”.

تحذيرات من تسييس التعليم:

وقد اختتمت وزارة التربية والتعليم عامها الدراسي بإجراء امتحانات الشهادة الثانوية، حيث جلس 209,273 طالبًا وطالبة للامتحان موزعين على 2,082 مركزًا داخليًا و20 مركزًا خارجيًا.

لكن لجنة المعلمين أطلقت تحذيرات شديدة من تحول العملية التعليمية الي اداة سياسية تستخدم لتثبيت نتائج الحرب الجارية حالياً.

وقال الناطق الرسمي باسم اللجنة سامي الباقر في نصريحات لـ(دبنقا) ” عقد امتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة يخدم اهدافا ضيقة ويقصي عددا كبيرا من الطلاب ، في انحراف خطير عن المسار التربوي وتحويل التعليم الي وسيلة للتقسيم والانقسام بدلا من كونه وسيلة لبناء المستقبل.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.