اعلان ماس فيتالس

احتدام صراع سلطة “حلفاء الجيش”.. ما هو السيناريو القادم؟

الغد السوداني_خاص

يوماً بعد يوم يتعقد مشهد صراع السلطة في السودان بين الحركات المسلحة الموقعة على إتفاقية جوبا للسلام من جهة، و حكومة الكفاءات المعلنة من قِبل رئيس الوزراء د. كامل إدريس من جهة أخرى ، بسبب تمسك أطراف الإتفاقية بمقاعدهم في السلطة التنفيذية، ورغم التسريبات الإعلامية المختلفة عن إرضاء بعض الحركات التي اعتبرت مغادرتها لمناصبها التنفيذية إعادة لأزمتها التي قادتها لحمل السلاح ضد الدولة سابقآ، إلا أنه لا حل رسمي يلوح في الأفق، الأمر الذي يجعل مآلات هذا الصراع ضبابية..

ومنح اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020 بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة نسبة 25% من مقاعد السلطة التنفيذية لمسار دارفور، إضافة إلى منصب حاكم إقليم دارفور وحصة في السلطة السيادية وحكومات الولايات.

وأدى تمسك قائد حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي الهادي إدريس ورئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر بالحياد إلى عزلهما من عضوية مجلس السيادة، ليُعيّن بدلًا منهما قائدان انشقا من الفصيلين، قبل أن ينضم إدريس وحجر إلى تحالف يقوده الدعم السريع.

وبالمقابل، شاركت أطراف في اتفاق السلام في النزاع مع الجيش ضد الدعم السريع، حيث شكّلوا تحالفًا عسكريًا أُطلق عليه “القوة المشتركة”، يضم حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وحركات أخرى.

وارتفع صوت الحركات المنضوية تحت القوة المشتركة بضرورة بقاء قادتها في المناصب التي تؤولها منذ 2020، من بينها وزارتي المالية والمعادن، فيما يُطالب آخرون بمنحهم وزارات أخرى، بالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء د. كامل إدريس تشكيل حكومة جديدة تتكون من 22 وزيراً من الكفاءات ، أطلق عليها “حكومة الأمل”، وقد شرع أمس الأول في تعيين وزيري الدفاع والداخلية، بعد مضى شهر ونصف الشهر على تعيينه رئيساً مدنياً للوزراء من قبل قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

تهدئة وتجاوز “بحنكة”

و حدد الإتفاق سقف زمني مدته 39 شهر وكان من المفترض تنفيذ بعض المهام خلال هذه المدة كالدمج والتسريح وتحول هذه الحركات إلى أحزاب سياسية وثم الانخراط في العمل السياسي و الاجتماعي، وعزا الخبير الأمني والعسكري اللواء د. أمين إسماعيل المجذوب، عدم تنفيذ هذه المهام، إلى المتغيرات في أكتوبر 2021 “في إشارة إلى استيلاء الجيش على السلطة” وكذلك في أبريل 2023 حينما اندلعت الحرب.

و أوضح المجذوب بتصريحه لـ”الغد السوداني” أن الحركات فسرت بنود الإتفاق بأنه خصصت لها 25٪ من المقاعد واعتبرت ماتحصلت عليه في الحكومة الأولى، مشيراً إلى أنها تتمسك الآن بالنسبة وهي متفق عليها ولم تتغير ولكن تخصيص وزارت بعينها أحد الخلافات وكذلك تحديد أشخاص بعينهم “.

وتوقع أن تدخل رئيس مجلس السيادة ربما يُفضى إلى تهدئة الصراع بمعنى الإبقاء على بعض الأشخاص في ذات الوزارات وهذا سيظهر في التشكيل الوزاري.

وأضاف:”هذا الصراع سيترك أثر سلبي بين رئيس الوزراء والحركات، وهذه أزمة السياسة السودانية ولكن من المحتمل أن يتجاوز رئيس الوزراء بحنكته هذا الأثر السلبي”.

الحركات تميل للشمولية

من جانبه قال المحلل السياسي عادل الخليفة إن هنالك حقيقة تاريخية مؤلمة ظلت ملازمة لجميع اتفاقيات السلام التي تمت في السودان منذ التمرد الأول 1955 وحتى آخر إتفاق بعد ثورة ديسمبر المجيدة، وهي أن هذه الفصائل المسلحة دائما تحبذ التعامل مع الأنظمة الشمولية أكثر من الأنظمة المدنية، منوهاً إلى أن لها أسباب غير معلنة لا تبوح بها ولكن من المعلوم أن الشموليات تمرر لها اجندتها بسهولة.

و أبان الخليفة بتصريحه لـ”الغد السوداني” أن الحركات لا تحبذ الحكم المدني لأنه يقوم على مؤسسات ويمر الاتفاق بالمجلس التشريعي والقوى السياسية ثم الحكومة،

لذلك هم يفضلون الإجراءات السريعة لتحقيق طموحاتهم الخاصة، قاطعاً بأن هذا أمر مؤلم.

وأردف: “فبدلاً أن ترى السودان في اقاليمها فهي ترى اقاليمها في السودان؛ بمعنى تضييق الواسع وهذا مربط الخلاف بينها وبين ثورة ديسمبر وهو السبب الذي دفعها لدعم الإنقلاب العسكري ضد الثورة، وحاليآ اصطدمت هذه الحركات مع رئيس الوزراء الذي رشحه البرهان وهم يفضلون التعامل مع البرهان باعتباره رئيس الإنقلاب وليس إدريس”.

وأضاف :” أعتقد الأزمة ستحل لأن رئيس الوزراء ليست له صلاحيات مطلقة وهو فقط يطبق في برنامج أعده ورسمه قائد الجيش لذلك لن يستطيع إدريس تجاوز هذا البرنامج”.

وأشار الخليفة إلى ثلاثي الحركات “عقار، جبريل، مناوي”، مؤكداً أنهم لن يكونوا على وفاق مع رئيس الوزراء وسيجد الأخير نفسه أمام استحقاقات كثيرة محلية و دولية أبرزها ضرورة وقف الحرب الأمر الذي لن تقبل به هذه الحركات والاسلاميين وقائد الجيش، قبل أن يعرفوا ماذا سيحدث لهم في ظل استحقاقات وقف الحرب وقيام حكم مدني حقيقي”.

وتابع:” اتوقع ان تحدث مشاكسات في المستقبل بعد أن يتجاوز أزمة المحاصصات”.

خلافات نسبة المشاركة

الحركات فيما بينها أظهرت خلافاتها حول السلطة إلى العلن، وتم التراشق عبد التدوينات حيث قال القيادي بحركة جيش تحرير السودان محمد بشير أبو نمو، قد قال مؤخراً إن “حركة مصطفى طمبور، حركة علي شاكوش، حركة تمازج” لا تدخل ضمن نسبة 25% من السلطة الواردة في اتفاق جوبا للسلام.

وأضاف أبو نمو في تدوينة على فيسبوك، أن النسبة تخص الحركات المسلحة الموقعة فعليًا وليست حصةً عامة لجميع من انضم لاحقًا أو شارك في مسارات أخرى مثل الشمال والوسط والتي خصصت لها حصص معينة من السلطة في الولايات

من ناحيته رد والي وسط دارفور مصطفى تمبور، في تدوينة على منصة “فيسبوك”، على أبو نمو، قائلاً: إن ماقاله ابونمو بخصوص الـ”25٪  يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أنه يجهل تماماً نصوص الاتفاق.

وأكد تمبور  أننا لم نطلب هبة من احد ولم نركض يوما خلف سلطة وعهدنا مع الشعب أن ننهي التمرد وننتصر.

وفي محاولة لحسم الجدل بين الحركات قال مقرر لجنة الوساطة بدولة جنوب السودان ضيو مطوك، إن حديث كبير مفاوضي حركة تحرير السودان محمد بشير أبو نمو حول نسبة المشاركة بالسلطة في اتفاق جوبا للسلام “غير دقيق”.

وأوضح مطوك في تصريح لصحيفة الشروق المصرية، أن اتفاق سلام جوبا تم تصميمه على عدة مسارات وأن اتفاق القضايا القومية يعطي الحق لجميع المسارات، وأضاف “مسارات دارفور والمنطقتين وشرق السودان تحدثت عن المشاركة في السلطة القومية، وقد تم لاحقًا تعديل جميع البروتوكولات لتلك المسارات لتشارك في الوزارات والهيئات والمفوضيات الاتحادية”.

 

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.